د - مسايرة الخصم في رأيه، ومتابعته في ذلك، ثم تعقبه وبيان أن ذلك الرأي لا يسلم عند تقليب النظر فيه، ولا يثبت عند فرض صحته، ومن الأمثلة التي استعمل ابن حزم فيها هذا الأسلوب قوله:". . . واحتجوا في مخالفتهم الخبرَ الصحيحَ في تسليم الأنصار على رسول الله - وهو يصلي - فكان عليه السلام يرد عليهم بالإشارة بيده". فقالوا: لعل تلك الإشارة كانت نهيا لهم عن السلام عليه في حال الصلاة، فقلنا: وما عِلْمُكُم بذلك؟ وهذا لا يعقل من الإشارة أصلا. ثم هبكم أنه كما قلتم - ومعاذ الله أن يكون كذلك - أتجوز عندكم الإشارة في الصلاة على معنى النهي عن شيء ما؟ ! فَمِنْ قولهم لا يجوز ذلك، فقلنا: فكيف تُحرِّفُون فعله عن المفهوم منه بالظن الكاذب؟ ! وتتأولون فيه تأويلا أنتم أول مَنْ يخالف ذلك التأويل ويبطله؟ ! " (١).
ر - تعقب قول الخصم، واستخراج ما فيه من الخطأ، أَوَّلًا بأول: وإنما توسل ابن حزم بهذا الأسلوب - كَمَا يرى -، لكي لا يدع للحنفية خطأ من القول إلا بينه وأظهره، ومن أمثلة هذا الضرب قوله: ". . . واحتجوا في مخالفتهم للسنة الثابتة عن رسول الله أنه قال لضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب:(حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني) بالسنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كل شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل)، قال أبو محمد: "أوَّلُ كذبهم: فهو أَنَّ الاشتراط في الحج منصوص في كتاب الله عز وجل في مواضع منها (من يطع الرسول، فقد أطاع
(١) انظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٣١).