للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأندلس، وأن يصيره في ذريته من بعد فترة تزيد على ثلاثة عقود (١).

ولقد تمكن المنصور بن أبي عامر من القضاء على خصومه، والظهور عليهم، فدانت له الأندلس، وأمنت به، ولم يضطرب عليه شيء منها أيام حياته، لعظيم سياسته وهيبته، ومع ذلك فقد أساء حينما أزال هيبة الخلافة الأموية من نفوس الناس، بتسلطه عليها، وجعلها شعارا لا معنى له، ودولة لا سلطان لها، وعرشا لا حكم له، كما أساء مرة أخرى حينما جرى على سنن الناصر (٢) في اتخاذ البربر والصقالبة والمأجورين والمرتزقة أعوانا وأنصارا وصنائع من دون العرب (٣).

وتقلد الإمارة بعد المنصور ابنه المظفر أبو مروان عبد الملك بن محمد، فجرى في الغزو والسياسة، والنيابة عن هشام المؤيد، وحجابته مجرى أبيه، وكانت أيامه أعيادا دامت سبع سنين إلى أن مات (٤).

وتَوَلَّى بعده أخوه عبد الرحمن بن المنصور الملقب بشنجول، وكان نحسا على نفسه، وعلى أهل الأندلس (٥)، إذ أقدم على تنصيب نفسه وليا للعهد بعد هشام الثاني، وتم له ذلك بمرسوم صدر في شهر ربيع


(١) انظر: دولة الإسلام في الأندلس (ج ٢/ ص ٦٢٧).
(٢) هو عبد الرحمن الناصر، ولي الأمر وله اثنتان وعشرون سنة وتسمى بأمير المؤمنين، وتلقب بالناصر لدين الله، توفي في صدر رمضان سنة ٣٥٠ هـ. انظر ترجمته في: تاريح علماء الأندلس (ص ٧) وجذوة المقتبس (ص ١٨) والمغرب في حلي المغرب (١/ ١٧٦ - ١٨١).
(٣) انظر: دولة العامرية (ص ١٤٦).
(٤) انظر: جذوة المقتبس (ص ٧٩).
(٥) انظر: المغرب في حلي المغرب (١/ ٢١٣).