للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلافه، ويلوح لكل ذي نظر أنهم ليسوا على شيء، وأنهم إنما يطلقون أقوالهم عصبية لنصر أبي حنيفة في المسألة الحاضرة فقط، ثم يبطلون ذلك في أخرى، وبالله أقسم قسما برا إنهم ليفعلون هذا من أنفسهم، ويأتونه عن بصيرة، ونعوذ بالله من هذا، فما أوجبه إلا خذلان الله تعالى" (١).

وَيُنفِّر ابنُ حزم من أقوال الحنفية، فيقول: "شاه وجه القائل بهذا (٢) - بل أقول - والله يعلم صدق نيتي - ليت لي تلك الصلاة (٣)، أو حضورها بجميع صلواتي كلها، وتالله ما أود أن لي صلوات الحنيفيين التي وقعت على خلاف هذا الحكم بنواة تمر، أو بدل إنشاد شعر لا هجو فيه لمسلم، إذ يجيزونها بغير قراءة أم القرآن، وبغير رفع من الركوع، وبأن لا يضع في السجود يديه، ولا إحداهما، ولا ركبتيه، ولا إحداهما، ولا جبهته، وأن يتعمد أن يكشف إسته في الصلاة أو رأس ذكره، لأنها كالدرهم البغلي لا أكثر. . ." (٤).

ولا يتورع ابنُ حزم أن يصف احتجاج الحنفية لقول أو رأي بأنه تلاعب سمج (٥) أو تلاعب بالدين (٦) أو تمويه بارد (٧). ثم يشتد ابن


(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٩٣ - ٩٤).
(٢) يشير ابن حزم إلى قول الحنفية: إن لمس المرأة للذة وغير لذة لا ينقض الوضوء إلا مع الإنعاظ.
(٣) يعني المؤلف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حاملا أمامة بنت أبي العاص.
(٤) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٤٦).
(٥) انظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢١).
(٦) انظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٥).
(٧) انظر: الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٢٤٧).