للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذ وثب على عبد الرحمن بن هاشم، ابنُ عمه المستكفي في طائفة من أراذل العوام (١).

وبعد ذلك بعدة سنوات عاد ابنُ حزم للوزارة أيام هشام بن المعتد بالله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر الذي تولى الخلافة بين سنتي (٤١٨ هـ- ٤٢٤ هـ) (٢).

وزهد ابنُ حزم في الوزارة بعد ذلك، وأقبل على قراءة العلوم وتقييد الآثار والسنن (٣)، وأطلق لسانه وقلمه في بيان استهتار ملوك الطوائف، وما أورثوا الأمة من الوهن والإنحدار يقول: " ... ثم انحرف الأمر واتسع، ثم رذل الأمر بالمشرق والغرب، حتى تسمى هذه الأسماء السماسرة ورذالات الناس، لِيُرِي اللهُ عز وجل عبادَهُ هوان ما تنافسوا عليه وغالوا به، وصح قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "حقيق على الله أن لا يرفع الناس شيئا إلا وضعه الله"، أو كلاما هذا معناه ... واستبان أن الحقيقة هي العمل لله عز وجل، والعدل في البلاد، والعمل بمكارم الأخلاق، وحمل الناس على الكتاب والسنة، فذلك الذي لا يقدر عليه السخيف، ولا يطيقه ضعيف، وبهذا يتبين فضل القوي على الساقط المهين، لا بأسماء يقدر على التسمي بها كل خسيس واهن، ولله الأمر من قبل وبعد، وحسبنا الله ونعم الوكيل،


(١) انظر: الحلة السيراء (ج ٢/ ص ١٢ - ١٣).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) انظر: معجم الأدباء (ج ١٢/ ص ٢٣٧).