للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تحريمه الماء المتوضأ به، أو المغتسل به، وعلى فساد دينه -ونعوذ بالله من البلاء- من وجوه:

أحدها: أنَّهم مقرون بأن هذا الحكم لا يتعدى بني عبد المطلب إلى غيرهم، ثم احتجوا به في مَنْعِ جميع أهل الإسلام من الماء المتوضأ به، أو المغتسل به من الجنابة.

وثانيها: أَنَّ غُسالة (١) أيدي الناس عندهم حلال لبني عبد المطلب، الوضوء بها للصلاة، والغسل منها للجنابة، وشربها، وهذا خلافٌ مجردٌ للخبر الذي احتجوا به تمويهًا، وإيهامًا وغِشًا للضعفاء المغترين بهم.

وثالثها: أنَّ غُسالة أيدي الناس عندهم حلال لكل مُسْلم شُرْبُه، والوضوءُ به للصلاة، والغُسل به للجنابة، وإنما تحرم عندهم إذا نوى بذلك الوضوء للصلاة أو غسل الجنابة، بعد أن يستوعب بالغُسل جميع بدنه، لا بعضه، وليس في الخبر المذكور من هذا كله أثر، ولا إشارة ولا معنى، ونعوذ بالله من الضلال.

واحتجوا أيضًا في ذلك بما رُوي عن عمر أنه قاله لأسلم (٢) مولاه: "أرأيت لو توضأ إنسان بماء، أكنت شاربه". وهذا لا يصح عن


(١) غسالة كل شيء بالضم: ماؤه الذي يغسل به، وما يخرج منه بالغسل. انظر القاموس المحيط مادة غسل (ص ١٣٤٢).
(٢) أسلم مولى عمر من سبي عين التمر، وقيل حبشي مخضرم، روى عن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وروى عنه ابنه زيد بن مسلم. قال أبو زرعة: "ثقة". توفي سنة ٨٠ هـ. أخرج له الستة. انظر: طبقات ابن سعد (ج ٥/ ص ١٠) وتاريخ البخاري (ج ٢/ ص ٢٣) وتقريب التهذيب (ص ١٠٤) وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص ٣١).