للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و"طروب" جارية عبد الرحمن الأوسط (١).

وفي قرطبة وما ولاها من الكور: وجدت أحياء ثلاثة مخصصة للطَّبقة العليا من المجتمع هي الرصافة والزاهرة والزهراء، أما بقية الأرباض، فكانت للطبقتين الوسطى والدنيا (٢). واتسع العمران بقرطبة، واستبحر البناء، وكثر لذلك سكانها، ففي عهد المنصور بن أبي عامر بلغت أرباضها (٣) إحدى وعشرين ربضا، كل ربض منها يعد أكبر مدينة من مدائن الأندلس، ولقد أحب المنصور "أن يتعرف مقدار ما يدخل قرطبة من جهاتها من أحمال الحطب في اليوم الواحد، فوكل بإحصاء ذلك عدة من ثقاته، قعدوا له راصدين بسائر طرق قرطبة وأنقابها، وكتب كل واحد منهم ما أحصاه، ورفعوا جميعه. فانتهى إلى ستة آلاف وستمائة حمل على اختلافها، وذكر أن الخليفة الحكم وكل مَنْ أحصى له ما يباع بقرطبة من السمك المملوح المسمى بالسردين خاصة المجلوب من الساحل، فانتهى البيع فيه في يوم واحد إلى عشرين ألف دينار" (٤). وقد اتخذ ابن حزم مظاهر المجتمع الأندلسي "مادة للدرسة التحليل والموازنات، وإن رسالتيه "طوق الحمامة" و"مداواة النفوس" مملوءتان بنتائج دراسته النفسية لذلك المجتمع الذي كان يموج بالعناصر المختلفة، والمنازع المتباينة، والمظاهر المتضاربة" (٥).


(١) كانت من فواضل النساء عقلا ودينا انظر: تراجم أعلام النِّساء (ج ٢/ ص ٣٦٦).
(٢) انظر: أندلسيات (ج ١/ ص ٨١ - ٨٢).
(٣) الربض: الحي.
(٤) انظر: أعمال الأعلام (ص ١٠٤).
(٥) انظر: ابن حزم لأبي زهرة (ص ١٢٥ - ١٢٦) وتقديم د. إحسان عباس لطوق =