للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتجوا لقولهم في اختيار تأخير صلاة الصبح بالخبر عن ابن مسعود في تعجيل صلاة الصبح بمزدلفة أنها صلاة حولت عن وقتها في ذلك المكان (١)؛ ثم خالفوا هذا الخبر في نص ما فيه فقالوا: ليس كما قال: أنها حولت عن وقتها، بل ما تصلى إلا في وقتها المعهود (٢).


(١) أخرجه البخاري في الحج، باب متى يصلي الفجر بجمع برقم (١٦٨٢) مختصرا وبرقم (١٦٨٣) مطولا؛ ومسلم في الحج، باب استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر ... (٩/ ٣٦) وأبو داود في الحج، باب الصلاة بجمع برقم (١٩٣٤) والنسائي في الكبرى كتاب الحج، باب الوقت الذي يصلي فيه الصبح بالمزدلفة برقم (٤٠٤٣، ٤٠٤٤). وسياق البخاري له: "عن عبد الرحمن بن يزيد قال خرجنا مع عبد الله -رضي الله عنه- إلى مكة، ثم قدمنا جمعا فصلى الصلاتين: كل صلاة وحدها بأذان وإقامة، والعشاء بينهما، ثم صلى الفجر حين طلع الفجر ... ثم قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان: المغرب والعشاء فلا يقدم الناس جمعا حتى يعتموا، وصلاة الفجر هذه الساعة ... ".
(٢) قال أبو حنيفة: وقت صلاة الفجر حين يطلع الفجر المعترض إلى أن تطلع الشمس، وتأخيرها أحب من التغليس بها، وقال مالك وأحمد وأبو ثور وداود: الأفضل في صلاة الصبح تقديمها في أول وقتها. واستدل الأحناف بحديث ابن مسعود الذي أورده المؤلف هنا، قال النووي معترضا: "وأما الجواب عن حديث ابن مسعود، فمعناه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الفجر في هذا اليوم قبل عادته في باقي الأيام، وصلى في هذا اليوم في أول طلوع الفجر ليتسع الوقت لمناسك الحج، وفي غير هذا اليوم، كان يؤخر عن طلوع الفجر، قدر ما يتوضأ المحدث ويغتسل الجنب ونحوه، ... ".
وقال المؤلف في المحلى (٣/ ١٨٩): " ... وَمَا نَدْرِيهِمْ تعلقوا في هذا إلا برواية عن ابن مسعود في التغليس بصلاة الصبح حين انشق الفجر يوم النحر؛ وهذا خبر مسقط لقولهم جملة، لأنهم مخالفون له جملة، إذ قولهم الذي لا خلاف عنهم فيه أن التغليس بها في أول الفجر ليس صلاة لها في غير وقتها، بل هو وقتها عندهم، فمن أضل ممن =