للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَثَّرَ تذوق الأدب في حِسِّ الغلام، فصار له في قول الشعر ملكة قوية، وفي قرضه طبع مرهف، وفي طوق الحمامة من شعر -الغلام- الذي لم يبلغ الحلم قصيدة واحدة، ومقطعتان، وبيتان من الشعر (١).

واعتنى الوالد الوزير بتهذيب أخلاق ولده الناشئ فجعل له من يقوم على سياسته بالتأديب، وتربيته بالتقويم والتسديد، وفي هذا يقول ابن حزم:

" ... كان السبب فيما ذكرته، أني كنت وقت تَأَجُّجِ نار الصبا، وشِرة الحداثة، وتمكُّن غرارة الفتوة، محظرا علي بين رقباء ورقائب" (٢).

وصحبت هذه التربية ابن حزم إلى ما بعد بلوغه وفي هذا يقول:

" ... فلما ملكت نفسي وعقلت صحبت أبا علي الحسين بن علي الفارسي في مجلس أيى القاسم ... وكان أبو علي المذكور عاقلا عاملا، ممن تقدم في الصلاح والنسك الصحيح، وفي الزهد في الدنيا والاجتهاد للآخرة علما وعملا ودينا، وورعا، فنفعني الله به كثيرا، وعلمت موقع الإساءة وقبح المعاصي" (٣).

وكانت بداية التحصيل العلمي في حياة ابن حزم قبل الأربعمائة (٤)،


(١) انظر: طوق الحمامة (ص ١٧٩ - ١٨٠ و ٢٥٠ - ٢٥١).
(٢) انظر: طوق الحمامة (ضمن رسائل ابن حزم) (ج ١/ ص ٢٧٣).
(٣) انظر: طوق الحمامة (ص ٢٧٥).
(٤) انظر: جذوة المقتبس (ص ٢٢٧)، وبغية الملتمس (ص ٤١٥) والصلة (ج ٢/ ص ٣٩٥) ووفيات الأعيان (ج ٣/ ص ٣٢٥) وسير أعلام النبلاء (ج ١٨/ ص ١٨٥) ويحدد المقري وابن عماد الحنبلي تاريخ سماع ابن حزم في سنة ٣٩٩ هـ. انظر: نفح الطيب (ج ٢/ ص ٧٨) وشذرات الذهب (ج ٣/ ص ٢٩٩).