للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن مكانا ضاق عني لضيق ... على أنه فيح مهامهه سهب

وإن رجالا ضيعوني لضيع ... وإن زمانا، لم أنل خصبه جدب (١)

وقوله أيضا:

أنا العِلْقُ الذي لا عيب فيه ... سوى بلدي، وأني غير طاري

تُقر لي العراق ما يليها ... وأهل الأرض، إلا أهل داري

طووا حسدا على أدب فهم ... وعلم ما يشق له غباري

فمهما طار في الآفاق ذكري ... فما سطع الدخان بغير ناري (٢)

٥ - أقبل ابن حزم على طلب العلم بهمة عالية: وجد منقطع النَّظير، ولم يكن الباعث له على ذلك دنيا يصيبها أو غرض يصل إليه، بل كان الحامل له على تلك الهمة وذلك الجد، طلب الآخرة الباقية، والانقطاع لنفع الناس، ولذلك، تراه يقول: " ... وليس في العالم مُذْ كان إلى أن يتناهى أحد يستحسن الهم، ولا يريد إلا طرحه عن نفسه، فلما استقر في نفسي هذا العلم الرفيع، وانكشف لي هذا السر العجيب، وأنار الله تعالى لفكري هذا الكنز العظيم، بحثت عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم، الذي هو المطلوب النفيس الذي اتفق جميع أنواع الإنسان: الجاهل منهم والعالم والصالح والطالح على السعي له، فلم أجدها إلا التوجه إلى


(١) الأبيات بعضها أو جلها في: الجذوة (ص ٢٧٨) وبغية الملتمس (ص ١٤٧) والذخيرة (ق ١/ ج ١/ ص ١٧٣) ومعجم الأدباء (ج ١٢/ ص ٢٥٤ - ٢٥٥) ونفح الطيب (ج ٢/ ص ٢٩١) والإحاطة (ج ٤/ ص ١١٤) والمغرب (ج ١/ ص ٢٧٦) وفي نقلها اختلاف.
(٢) انظر: معجم الأدباء (ج ١٢/ ص ٢٤٦).