الأشياء، وهو العلم! فتعين عليه أن يقصد بالعلم وجه الله تعالى، والترقي إلى جوار الملأ الأعلى.
"والكلام في العلماء، وما ينبغي لهم يطول، ولكننا ننبه على مهمات؛: فمن هؤلاء من يطلب العلو في الدنيا، والتردد إلى أبواب السلاطين. والأمراء كما ذكرنا، وحب الجاه، والمناصب؛ فيؤديهم ذلك إلى ظلمة قلوبهم بهذه الأكدار، وزوال صفائها، وإلى أن العالم يشتغل بهم عن الازدياد في العلم، وربما كان تردده سبباً لذهاب علمه، وفقهه، ونسيانه، وفساد عقيدة الأمراء فيه؛ فإنهم يستحقرون المتردد إليهم ولا [يزالون] يعظمون الفقيه حتى يسالهم في حوائجه، ويؤول ذلك إلى أنهم يظنون في أهل العلم السوء، ولا يطيعونهم فيما يفتون به، وينتقصون العلم وأهله. وذلك فساد عظيم، وفيه هلاك العالم، فإن قال لك فقيه: إن التردد إلى أبواب السلاطين لإعزاز الحق ولنصرة الدين، ولغرض من الأغراض الصحيحة، فقل له: إن صح ما تقول - وأنت أضر بنفسك -. فأنت على خطر عظيم؛ لأنك قد انغمست في الدنيا، وأنت تدعي أنك / تقصد بها الآخرة.
وإن ثبت هذا نقول فما نأمن عليك أن تنجر مع الدنيا وتهلك، ولذلك كان سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - يقول: إن دعوك (لأن تقرأ) عليهم قل هو الله أحد، فلا تمض إليهم ولا تقرأها".