"لما كانت الحسبة كما قدمنا أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وإصلاحاً بين الناس، وجب أن يكون المحتسب فقهياً عارفاً بأحكام الشريعة، ليعلم ما يأمر به وينهى عنه، فإن الحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه [الشرع]، ولا مدخل للعقول في معرفة ذلك إلا بكتاب الله – ﷿ – وسنة نبيه محمد ﷺ فرب جاهل يستحسن بعقله، ما قبحه الشرع، فيرتكب الحرام، وهو لا يشعر.
وأول ما يجب على المحتسب: أن يحتسب على نفسه فيأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر، ويسلك في قوله وفعله مناهج الحق، ولا يكون أمره بهما مخالفاً لفعله. بل عليه وأن / يعمل بما يعلم، قبل أن يأمر به غيره لقوله تعالى: ﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم﴾، وقال تعالى مخبراً عن نبيه شعيب ﵇ لما، نهى قومه عن بخس الميزان ونقص الميكال: ﴿وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه﴾. ولا