محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد سُئِل - صلى الله عليه وآله وسلم - عن العرافين فقال:«ليسوا بشيء» هكذا بنفي قيمتهم وتحقيرهم: قالت عائشة - رضي الله عنها -: سأل أناس رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الكهان، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ليسوا بشيء». قالوا: يا رسول الله، فإنهم يحدثون أحيانًا الشيء يكون حقًا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة (١)، فيخلطون فيها أكثر من مئة كذبة»، (رواه البخاري ومسلم) وأما صعود الشياطين إلى السماء لاستراق السمع، وقذفهم بالشهب فقد ورد في حديث آخر رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه.
* ولما شك الصحابة في (ابن صياد اليهودي) الذي كان يسكن المدينة، وظنوه الدجال الذي حدث عنه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأخذ الرسول معه جماعة وزاره في منزله قال له الرسول مختبرًا:«لقد خبأت لك خبيئًا».
وكان الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أضمر في نفسه (سورة الدخان) فسأله الرسول عما في نفسه، فقال عدو الله:«هو الدخ» ولم يستطع أن يكمل الكلمة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اخسأ فلن تعدو قدرك». أي لن تتعدى كونك كاهنًا تتصل بالجن. ولذلك قال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كيف ترى؟» قال: «يأتيني أحيانًا صادق وكاذب». أي تأتيه أخبار من الشيطان صادقة أحيانًا، وكاذبة أخرى، فقال رسول الله:«لقد لُبِّس عليه»(رواه البخاري ومسلم).
وفي هذا الحديث دليل على أن الشيطان من الممكن أن يطلع على ما في نفس المؤمن، ويخبر وليَّه من الإنس، وأننا مأمورون ألا نصدق من الغيب إلا ما أتانا من طريق الله، ومن طريق رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقط.
(١) الْقَرّ تَرْدِيد الْكَلَام فِي أُذُن الْمُخَاطَب حَتَّى يَفْهَمهُ، وَقَرّ الدَّجَاجَة صَوْتهَا إِذَا قَطَّعَتْهُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره: مَعْنَاهُ أَنَّ الْجِنِّيّ يَقْذِف الْكَلِمَة إِلَى وَلِيّه الْكَاهِن، فَتَسْمَعهَا الشَّيَاطِين كَمَا تُؤَذِّن الدَّجَاجَة بِصَوْتِهَا صَوَاحِبهَا فَتَتَجَاوَب. (من شرح صحيح مسلم للإمام النووي)