فيما بعد أنه ليس هو الدجال، لكنه كان من جنس الكهان، قال له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «قد خبأت لك خبئًا»، قال: الدُّخ الدُّخ. وقد كان خبأ له سورة الدخان فقال له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اخسَأ فلن تعدو قدرك» يعني إنما أنت من إخوان الكهان، والكهان كان يكون لأحدهم القرين من الشياطين يخبره بكثير من المغيبات بما يسترقه من السمع وكانوا يخلطون الصدق بالكذب كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال:«إن الملائكة تنزل في العنان ـ وهو السحاب ـ فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم» وفي الحديث الذي رواه مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:«بينما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في نفر من الأنصار إذ رمي بنجم فاستنار، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما كنتم تقولون لمثل هذا في الجاهلية إذا رأيتموه؟» قالوا: كنا نقول يموت عظيم أو يولد عظيم، قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرًا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء ثم يسأل أهل السماء السابعة حملة العرش: ماذا قال ربنا؟ فيخبرونهم، ثم يستخبر أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا، وتخطف الشياطين السمع فيرمون فيقذفونه إلى أوليائهم، فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون».
وفي رواية قال معمر: قلت للزهري: أكان يرمى بها في الجاهلية؟ قال: نعم، ولكنها غلظت حين بعث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
* والأسود العنسي ـ الذي ادعى النبوة ـ كان له من الشياطين من يخبره ببعض الأمور المغيبة فلما قاتله المسلمون كانوا يخافون من الشياطين أن يخبروه بما يقولون فيه: حتى أعانتهم عليه امرأته لما تبين لها كفره فقتلوه.
* وكذلك مسيلمة الكذاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيبات ويعينه على بعض الأمور وأمثال هؤلاء كثيرون مثل: الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة، وكانت الشياطين يخرجون رجليه من القيد وتمنع