للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلاح أن ينفذ فيه، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده، وكان يُرِى الناس رجالًا وركبانًا على خيل في الهواء، ويقول: هي الملائكة وإنما كانوا جِنًّا، ولما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ فيه فقال له عبد الملك: «إنك لم تسم الله»، فسمى الله فطعنه فقتله.

* وهكذا أهل الأحوال الشيطانية تنصرف عنهم شياطينهم إذا ذكر عندهم ما يطردها مثل آية الكرسي فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ـ لما وكّله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بحفظ زكاة الفطر فسرق منه الشيطان ليلة بعد ليلة وهو يمسكه فيتوب فيطلقه ـ فيقول له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما فعل أسيرك البارحة؟» فيقول: زعم أنه لا يعود، فيقول: «كذبك وإنه سيعود»، فلما كان في المرة الثالثة. قال: دعني حتى أعلمك ما ينفعك: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} إلى آخرها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فلما أخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، قال: «صدقك وهو كذوب» وأخبره أنه شيطان.

ولهذا إذا قرأها الإنسان عند الأحوال الشيطانية بصدق أبطلتها: مثل من يدخل النار بحال شيطاني، أو يحضر سماع المكاء والتصدية، فتنزل عليه الشياطين وتتكلم على لسانه كلامًا لا يُعلَم وربما لا يُفقَه، وربما كاشف بعض الحاضرين بما في قلبه، وربما تكلم بألسنة مختلفة كما يتكلم الجني على لسان المصروع.

والإنسان ـ الذي حصل له الحال لا يدري بذلك ـ بمنزلة المصروع الذي يتخبطه الشيطان من المس ولبسه وتكلم على لسانه فإذا أفاق لم يشعر بشيء مما قال.

* ومن هؤلاء من يأتيه الشيطان بأطعمة وفواكه وحلوى وغير ذلك مما لا يكون في ذلك الموضع، ومنهم من يطير بهم الجني إلى مكة أو بيت المقدس أو غيرهما، ومنهم من يحمله عشية عرفة ثم يعيده من ليلته فلا يحج حجًا شرعيًا، بل يذهب بثيابه ولا يحرم إذا حاذى الميقات ولا يلبّي ولا يقف بمزدلفة ولا يطوف بالبيت، ولا يسعى بين الصفا والمروة ولا يرمي الجمار، بل يقف بعرفة بثيابه ثم يرجع من ليلته وهذا ليس بحج.

<<  <   >  >>