المسألة فليرجع إلى كتاب الألوسي - رحمه الله - المشار إليه سابقًا.
رد بعض الشبهات حول هذا الموضوع:
١ - قد يستدل البعض بمعجزات المسيح - عليه السلام -.وهذا الاستدلال باطل لأن إحياء الموتى ـ بإذن الله ـ من خصوصيات المسيح - عليه السلام -، وليس لغيره من البشر لا من الأنبياء ولا غيرهم، ومما يؤيد هذه الخصوصية دعاء إبراهيم - عليه السلام -: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} (البقرة:٢٦٠).فإنه - عليه السلام - لو كان من شأنه إحياء الموتى لما دعا بمثل هذا الدعاء، وإذا انتفى كون إحياء الموتى من معجزات نبي آخر غير المسيح فانتفاؤه عمن دون الأنبياء من الأولياء والصالحين من باب أولى.
٢ - قد يستدل البعض أيضًا بقول الله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون:١٤).
والجواب: أننا نثبت للمخلوق خلقًا، لكنه ليس كخلق الله تعالى. فخلق الله - عز وجل - إيجاد من العدم. وخلق المخلوق لا يكون إلا بالتغيير والتحويل والتصرف في شيء خلقه الله تعالى.
ومن ذلك ما جاء في (الصحيحين) عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه يقال للمصورين يوم القيامة: «أحيوا ما خلقتم». ومعلوم أن المصوِّر لم يوجِد شيئًا من العدم إنما حوَّل الطين، أو الحجر إلى صورة إنسان أو طير ـ بدون روح ـ، وحوَّل بالتلوين الرقعة البيضاء إلى ملونة، والطين والحجر والمواد والورق كلهم من خلق الله تعالى.
شبهة: رُوي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرتُ الله لكم».
يستدل الصوفية بهذا الحديث على سماع الأموات وعلمهم بحال الأحياء بعد وفاتهم، من أجل ترويج عقائدهم الفاسدة في جواز الطلب والاستمداد من القبور ومن يدفن فيها من الصالحين والأولياء، واستدلالهم هذا باطل عقلًا ونقلًا.
أولًا: تخريج الحديث: أخرجه البزار في مسنده ٩/ ٢٤ حديث رقم ١٩٢٥، وقال: وهذا الحديث آخره لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (٢/ ٨٨٤) حديث رقم: (٩٥٣) وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢/ ١٩٤) وأخرجه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب (١/ ١٨٤).
ثانيا: حكم علماء الحديث عليه: قال الحافظ العراقي في كتابه (طرح التثريب) (٣/ ٢٩٧): «إسناده جيد»، ولكنه فصَّل في كتابة (المغني عن حمل الأسفار) (٢/ ١٠٥١) حديث رقم: (٣٨١٠) فقال: أخرجه البزار من حديث عبد الله بن مسعود ورجاله رجال الصحيح، إلا أن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي فقد ضعفه كثيرون، ورواه الحارث ابن أبي أسامة في مسنده من حديث أنس بنحوه بإسناد ضعيف.
ومن المعلوم أن هذا التعارض في قولي الحافظ العراقي - رحمه الله - سببه أن كلامه في طرح التثريب ـ وهو كتاب فقه ـ كلام مجمل، وأن كلامه في كتابه المعني ـ وهو كتاب تخريج وحكم على الحديث ـ كلام تفصيل وبيان لسبب الضعف، فعلم أن في مثل هذه الحالة يقدم قول التفصيل في كتاب خص للحكم على الحديث.
وممن حكم على الحديث بالضعف، العجلوني فقال: بأنه مرسل، كما في كتابه (كشف الخفاء ١/ ٤٤٢) (حديث رقم ١١٧٨)، وكذلك ضعفه ابن القيسراني في كتابه (معرفة التذكرة ٣/ ١٢٥٠) (حديث رقم ٢٦٩٤).
لمزيد من الفائدة انظر كتاب (الكامل في ضعفاء الرجال) لابن عدي (٣/ ٧٥) (ترجمة رقم ٦٢٢) وكتاب (ميزان الاعتدال) للإمام الذهبي (٢/ ٤٣٨) (ترجمة رقم ٢٥٠٣) وكتاب (لسان الميزان) للحافظ ابن حجر) (٢/ ٣٩٥) (ترجمة رقم ١٦٢٠)
* هذا الحديث ضعفه الألباني في (السلسلة الضعيفة والموضوعة) (٢/ ٤٠٤) وحكم عليه بالشذوذ؛ لتفرد عبد المجيد بن عبد العزيز به لاسيما وهو متكلم فيه من قبل حفظه مع أنه من رجال مسلم وقد وثّقه جماعة وضعفه آخرون، فقال الخليلي: «ثقة