لكنه أخطأ في أحاديث وقال النسائي:«ليس بالقوي يُكتب حديثه». وقال ابن عبد البر:«روَى عن مالك أحاديث أخطأ فيها». وقال ابن حبان في (المجروحين)(٢/ ١٥٢): «منكر الحديث جدًا يقلب الأخبار ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك».
قال الألباني: «ولهذا قال فيه الحافظ في (التقريب): «صدوق يخطىء». وإذا عرفت ما تقدم فقول الحافظ الهيثمي في (المجمع)(٦/ ٢٤): «رواه البزار ورجاله رجال الصحيح».فهو يوهم أنه ليس فيه من هو متكلم فيه! ولعل السيوطي اغتر بهذا حين قال في (الخصائص الكبرى)(٢/ ٢٨١): «سنده صحيح».ولهذا فإني أقول: «إن الحافظ العراقي - شيخ الهيثمي - كان أدق في التعبير عن حقيقة إسناد البزار حين قال عنه في (تخريج الإحياء)(٤/ ١٢٨): «ورجاله رجال الصحيح ... إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي فقد ضعفه بعضهم، ومخالفة عبد المجيد للثقات هي علة الحديث» اهـ كلام الألباني بتصرف.
* راجع ما تقدم ـ في باب الدعاء والذبح والنذر والاستغاثة بغير الله، الشبهة الثالثة عشرة ـ من أن قولهم:«رجاله رجال الصحيح» أو «رجاله ثقات»،ليس تصحيحا للحديث.
* والكذب أسوأ من الاستدلال بالأحاديث الضعيفة، فقد كذب داعية التصوف علي الجفري فعزى هذا الحديث إلى مستدرك الحاكم على الصحيحين، ليوهم مستمعيه بأن الحديث صحيح، وبكل جرأة قال:«إن الحديث رواه الحاكم في المستدرك بإسناد حسن»، والحديث غير موجود في هذا الكتاب نهائيًا، لا حسنًا ولا ضعيفًا ولا موضوعًا.
* لو ثبت هذا الحديث لم يكن فيه ما ادعاه الصوفية من جواز التوسل بعموم استغفار رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لأمته؛ لأنَّ دعاء الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في حياته لأمته وسؤاله الله لهم أبلغ وأقطع من استغفاره بعد موته ـ إن ثبت ـ وهذا السبب الذي كان موجودًا في حياته هو عين السبب الذي علق الحكم بعد مماته؛ فلما لم يشرع هذا العمل، وهو التوسل بالاستغفار العام مع القيام المقتضي له في حياة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عُلم أنَّ إحداثه بدعة.