للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالثة: أن ينزل في حقهم منزلة العقارب والحيات والسباع الضاريات، لا يرجى خيره، ويتقى شره.

فإن لم تقدر على أن تلتحق بأفق الملائكة، فاحذر أن تنزل عن درجة البهائم والجمادات إلى درجة العقارب والحيات والسباع الضاريات.

فإن رضيت لنفسك النزول من أعلى عليين، فلا ترض لها بالهوى إلى أسفل سافلين فلعلك تنجو كفافاً، لا لك ولا عليك.

فعليك في بياض نهارك ألا تشتغل إلا بما ينفعك في معادك أو معاشك الذي لا تستغني عن الاستعانة به على معادك.

عليك بما يفيدك في المعاد ... وما تنجو به يوم التناد

يسرك أن تكون رفيق قوم ... لهم زاد وأنت بغير زاد؟

فإن عجزت عن القيام بحق دينك مع مخالطة الناس، وكنت لا تسلم؛ فالعزلة أولى، فعليك بها ففيها النجاة والسلامة.

فإن كانت الوساوس في العزلة تجاذبك إلى مالا يرضي الله تعالى، ولم تقدر على قمعها بوظائف العبادات؛ فعليك بالنوم فهو أحسن أحوالك وأحوالنا، إذ عجزنا عن الغنيمة ورضينا بالسلامة في الهزيمة، فما أخس حال من سلامة دينه في تعطيل حياته؛ إذ النوم أخو الموت، وهو تعطيل للحياة والتحاق بالجمادات.

- - -

<<  <   >  >>