للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحال الثانية: ألا تقدر على تحصيل العلم النافع في الدين، ولكن تشتغل بوظائف العبادات من الذكر والتسبيح والقراءة والصلاة، فذلك من درجات العابدين وسير الصالحين وتكون أيضًا بذلك من الفائزين.

الحال الثالثة: أن تشتغل بما يصل منه خير إلى المسلمين، ويدخل به سرور على قلوب المؤمنين، أو تتيسر به الأعمال الصالحة للصالحين، والسعي في إطعام الفقراء والمساكين، والتردد مثلًا على المرضى بالعيادة، وعلى الجنائز بالتشييع، فكل ذلك أفضل من النوافل، فإن هذه عبادات وفيها رفق للمسلمين.

الحال الرابعة: ألا تقوى على ذلك، فاشتغل بحاجاتك اكتسابًا على نفسك أو على عيالك، وقد سلم المسلمون منك وآمنوا من لسانك ويدك، وسلم لك دينك إذا لم ترتكب معصية، فتنال بذلك درجة أصحاب اليمين إن لم تكن من أهل الترقي إلى مقامات السابقين.

فهذا أقل الدرجات في مقامات الدين وما بعد هذا فهو من مراتع الشياطين، وذلك بأن تشتغل ـ والعياذ بالله ـ بما يهدم دينك، أو تؤذي به عبدًا من عباد الله تعالى، فهذه رتبة الهالكين، فإياك أن تكون في هذه الطبقة.

واعلم أن العبد في حق دينه على ثلاث درجات:

إما سالم: وهو المقتصر على أداء الفرائض وترك المعاصي.

أو رابح: وهو المتطوع بالقربات والنوافل.

أو خاسر: وهو المقصر عن اللوازم.

فإن لم تقدر أن تكون رابحًا فاجتهد أن تكون سالمًا، وإياك ثم إياك أن تكون خاسرًا.

والعبد في حق سائر العباد له ثلاث درجات:

الأولى: أن ينزل في حقهم منزلة الكرام البررة من الملائكة، وهو أن يسعى في أغراضهم رفقًا بهم وإدخالاً للسرور على قلوبهم.

الثانية: أن ينزل في حقهم منزلة البهائم والجمادات، فلا ينالهم خيره، ولكن كف عنهم شره.

<<  <   >  >>