للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له عن رسول الله. قال الفاروق: «أَمَا إِنِّي لَمْ أتَّهِمْكَ وَلَكِنَّهُ الحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». فهل بعد هذا القول الصريح يتهم الصحابة متهجم ويتظنن ظان؟!.

الصَّحَابِيُّ المَظْلُومُ:

لم أجد أَحَدًا من الصحابة فيما أعلم تعرض لسهام النقد الظالم بمثل ما تعرض له الصحابي الجليل أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - وهذه الحملة الجائرة تضرب في القدم إلى آماد بعيدة، فقد نقل لنا العلامة ابن قُتيبة في كتابه " تأويل مختلف الحديث " (١) الكثير مِمَّا رمى به أبو هريرة في القديم من النظام وأمثاله من أهل البدع والأهواء، ولم نر أحدًا يعتد به من أئمة العلم في الإسلام تعرض لأبي هريرة بما يغض من شأنه أو يحط من قدره، ثم جاء بَعْضُ المُسْتَشْرِقِينَ فوقعوا على أقوال هؤلاء المتحاملين فأخذوا وزادوا وأعادوا فيها، ثم طلعوا علينا بآراء مبتسرة وأحكام جائرة، ولعل من نافلة القول أَنْ أنبه إلى الأغراض السيئة التي يقصدها المُسْتَشْرِقُونَ من وراء حملاتهم، التي هي امتداد للحملات الصليبية، والتي يقصدون منها تقويض دعائم الإسلام والعروبة، وإضعاف الروح الدينية في المسلمين، كي يتم لدولهم ما تريد من الاستعمار والاستئثار بخيرات البلاد واستذلال رقاب العباد، وَهُمْ - يشهد الله - يريدون من الطعن في الصحابة حِينًا وفى السُنَّة حِينًا آخر تشكيك المسلمين في الأصل الثاني من أصول التشريع في الإسلام وهي السُنَّة وتقليل الثقة بها، وإذا تشكَّك المسلمون في السُنَّة وقلَّلوا الثقة بها استعجم عليهم فهم القرآن ومعرفة حقيقة المراد منه، إذ السُنَّة شارحة للقرآن وَمُبَيِّنَةٌ لَهُ، وإذا استعجم على المسلمين القرآن فَقُلْ على الإسلام والعروبة العفاء، وقد نجح المُسْتَشْرِقُونَ إلى حد ما في التأثير في بعض الكُتَّابِ المسلمين في عصرنا الأخير فاقتفوا


(١) الحق أنَّ الإمام ابن قتيبة ذكر في كتابه ما تهجَّم به النَظَّامُ وأمثاله على المُحَدِّثِينَ بعامَّة وأبي هريرة بخاصة، ثم دافع عن الحديث وأهله دفاع رجل عاقل عالم متثبت نرجو أنْ يكافئه الله عليه.