للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لافتراءاته سَنَدًا يلقي الكلام جزافًا ويرسله على عواهنه، وهذه الأحاديث التي أشار إليها من المتشابهات، وقد شاء الله سبحانه أن يأتي بالمتشابه في قرآنه وأن يأتي به نَبِيَّهُ في أحاديثه، ليكون فتنة لأبي رِيَّةَ وأمثاله الذين لم تشرق قلوبهم بنور الإيمان، ولم ترق عقولهم إلى الإيمان بالمغيبات:

{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [سورة آل عمران، الآية: ٧].

ومذهب السلف فيها معروف، ولو أنه كذب على غير مالك لجاز هذا عند بعض الناس أما مالك فمقالته في المتشابه معروفة مشهورة، فقد قال لمن سأله عن الاستواء: «الاِسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة، أَخْرِجُوهُ عَنِّي فَإِنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ».

ولم يكذب المؤلف على مالك وحده، بل كذب على أبي هريرة أيضًا وعلى صاحبي " الصحيحين "، فقد روى البخاري الحديث الذي فيه الساق عن أبي سعيد الخُدري (١)، ورواه الإمام مسلم عن أبي سعيد الخُدري أيضًا (٢) وأما حديث أبي هريرة في " الصحيحين " فهو في معنى حديث أبي سعيد، ولكن ليس فيه مسألة الساق.

طَعْنُهُ فِي حَدِيثِ صِفَةِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

وقال في [ص ١٧٥] ولما ذكر كعب صفة النَّبِيِّ في التوراة قال أبو هريرة في صفته - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَلاَ صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ» وهذا نص كلام كعب ...

وبحسبي في الرَدِّ ما قدمته فيما سبق، حينما زعم أن صفة النَّبِيِّ في التوراة خرافة وضعها كعب، وأن عبد الله بن عمرو بن العاص أخذها عنه.

وأزيد هنا فأقول: كونه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن فاحشًا ولا


(١) كتاب التوحيد. بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة القيامة، الآية: ٢٣].
(٢) " مسلم بشرح النووي ": جـ ص ٢٥ وما بعدها.