وهو موقوف عليه وليس بمرفوع إلى النَّبِيِّ فلا يضيرنا، على أن الحديث ليس فيه ما يستشكل لمن يؤمن بعالم الجن، وليس فيه ما يحيله العقل، وإن كنت أميل إلى أنه يجوز أن يكون مِمَّا حمله عن الكتب التي أصابها في موقعة «اليرموك» من كتب أهل الكتاب، ولا يقولن قائل: إن هذا مِمَّا له حكم الرفع، لأنا نقول: إن أئمة الحديث نَصُّوا على أن كلام الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه له حكم المرفوع إذا لم يكن الصحابي معروفًا بالأخذ عن الإسرائيليات كعبد الله بن عمرو بن العاص مثلاً، فهذا ليس له حكم المرفوع قطعًا.
حَدِيثُ العَجْوَةِ وَكَوْنُهَا دَوَاءٌ:
قال: وروى " البخاري " في باب الدواء بالعجوة للسحر عن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ اصْطَبَحَ كُلَّ يَوْمٍ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ ذَلِكَ اليَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ» وفي رواية «سَبْعَ تَمَرَاتٍ» وكذا لـ " مسلم " عن سعد بن أبي وقاص، وعند النسائي من حديث «العَجْوَة مِنْ الجَنَّة، وَهِيَ شِفَاء مِنْ السُّمِّ».
ومعنى اصطبح: تناوله في الصباح على الريق.
وأحب أنْ أُنَبِّهَ إلى أنَّ المؤلف تابع في هذا الأستاذ أحمد أمين في " ضحى الإسلام " وهو تابع المُسْتَشْرِقِينَ في هذا.
وإليك الجواب عن هذا:
١ - إنَّ العلماء القدامى أثابهم الله قالوا: المراد نوع من التمر وهو
(١) تثنية زاملة وهي البعير الذي يحمل عليه، وكان عثر على حمل بعيرين من كتب أهل الكتاب في «اليرموك» فكان يُحَدِّثُ ببعض ما فيها من غير أن يرفعه إلى النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمن ثم تحاشى بعض الرُواة الرواية عنه احتياطاً.