وبَيَّنُوا مكانها من الصحة أو الحسن أو الضعف والاختلاق، وبحسبك أنْ تستعرض الكتب التي أُلِّفَتْ في الأحاديث الموضوعة، وستتبين صدق ما أقول، فهم لم يُقَصِّرُوا في خدمة السُنَّة وتزييف الزائف منها، ولكن المُتَأَخِّرِينَ هم الذين قصرت بهم الهِمَمَ عن العلم بما دونه، فمن ثم وقعوا في كثير من الأخطاء والأغلاط، قال في [ص ١٠١]: «إنَّ وُضَّاعَ الحديث وضعوا أحاديث تسوغ لهم ما يضعون» ثم قال: «وأورد ابن حزم في " الأحكام " عن أبي هريرة مرفوعا قال: «إِذَا حَدَّثْتُمْ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُوَافِقُ الْحَقَّ فَخُذُوا بِهِ حَدَّثْتُ بِهِ أَوْ لَمْ أُحَدِّثْ»
وعنه أيضا: أنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«مَا بَلَغكُمْ عَنِّي مِنْ َقْوٍل حَسَنٍ لَمْ أَقُلْهُ فَأَنَا قُلْتُهُ» ونحن لا نشك - ولا أي عاقل - في أنَّ هذين الحديثين وما على شاكلتهما - تناقضاً وتهافتاً - موضوعان، وأنَّ نظرة فاحصة إلى المتن لَتَدُلُّنَا على أنَّ هذا لا يصدر عن معصوم فضلا عن عاقل، فكيف يتأتى من أعقل العقلاء أنَّ ما لم يقله ما دام حسناً فقد قاله؟! بل كيف يأمر بالأخذ بحديث حَدَّثَ به أو لم يُحَدِّثُ؟ إنَّ هذا لعجب عُجاب!
[طعنه في حديث حسن]
ولو أنَّ المؤلف اقتصر على ذكر الحديثين الموضوعين في الاستدلال لما قال، لما كان لنا عليه أية مؤاخذة ولا استقام كلامه، ولكن الذي أؤاخذه عليه أنْ يأتي في الهامش بعد ذكر الحديثين فيقول ما نصه:«يشبه هذين الحديثين حديث رواه أحمد أنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ وَتَنْفِرُ مِنْهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ» قال السيد رشيد: إنَّ إسناده جَيِّدٌ.
فإذا كان السيد رشيد - رَحِمَهُ اللهُ - الذي يُعَوِّلُ عليه في كثير من نقوله ويعتبره من العلماء المُحَدِّثِينَ قال: إنَّ إسناده جَيِّدٌ، فكيف سَوَّغَتْ