للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْلِمٍ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ المُتَوَفَّى سَنَةَ ١٢٤ هـ. بل قال السيوطي: «إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الحَدِيثَ بِأَمْرِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ، وَقَدْ قام هؤلاء جميعا بما أمرهم به الخليفة العادل خير قيام».

اِسْتِنْتَاجَاتٌ لأَبِي رَيَّةَ بِغَيْرِ مُقَدِّمَاٍت:

في [ص ٢٢٧] والذي يخلص من ذلك أن أول تدوين الحديث قد نشأ في أواخر عهد بني أمية، وكان على طريقة غير مرتبة من صحف متفرقة تلف وتدرج بغير أن تقسم على أبواب وفصول، ولعل هذا التدوين كان يجري على نمط ما كان يدرس في مجالس العلم في زمنهم، إذ كانت غير مخصصة لعلم من العلوم، وإنما كان المجلس الواحد يشتمل على علوم متعددة قال عطاء: ما رأيت مجلسا أكرم من مجلس ابن عباس أكثر فقها ولا أعظم هيبة، أصحاب القرآن يسألونه وأصحاب العربية يسألونه وأصحاب الشعر يسألونه فكلهم يصدر من واد فسيح ... إلخ.

الرَدِّ على ذلك:

أما ما ذكره عطاء عن مجلس ابن عباس فإنما هو مجالس العلم لا في مجالس التحديث، إذ لها منهج آخر وهو ذكر الأحاديث بأسانيدها وشرح ما يحتاج إلى شرح منها فما استظهره المؤلف في غير محله، وإليك ما قاله الحافظ الكبير ابن حجر في مقدمة " الفتح " (١).

اعلم - علمني الله وإياك - أن آثار النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم تكن في عصر أصحابه وكبار تابعيهم مدونه في الجوامع ولا مرتبة، لأمرين:

أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك كما ثبت في " صحيح مسلم " خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم.

وثانيهما: لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم، ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة، ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب


(١) ١/ ٤.