للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ختن مسيلمة - أي صهره - قال: اذهب فانزل على خير أهل المدينة، قال: فنزلت على تميم الداري فبينا نحن نتحدث إذ خرجت نار بالحرة، فجاء عمر إلى تميم فقال: يا تميم اخرج، فقال: وما أنا؟ وما تخشى أَنْ يبلغ من أمري؟ فصغر نفسه، ثم قام فحاشها (١) حتى أدخلها الباب الذي خرجت منه ثم اقتحم في أثرها، ثم خرج فلم تضره».

وعمر - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - وهو العبقري الملهم المُحَدِّث ما كان ليخفى عليه حال تميم ومنزلته من الصلاح والاستقامه والإخلاص وهو القائل: «لست بخب والخب لا يخدعني» فكيف يجوز في العقول أَنْ يرمي مثل هذا بالكذب وَالدَسِّ والإفساد في الدين؟!.

[ب] ما زعمه السيد رشيد من أَنَّ هذا لا يدخل تحت التقرير ممنوع قال الحافظ في " الفتح " (٢): «وَقَدْ اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ تَقْرِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا يُفْعَل بِحَضْرَتِهِ أَوْ يُقَال وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِنْكَار دَالٌّ عَلَى الْجَوَازِ، لأَنَّ الْعِصْمَة تَنْفِي عَنْهُ مَا يَحْتَمِل فِي حَقّ غَيْره مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِنْكَار فَلاَ يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ» وما زعمه أيضا من أَنَّ هذا ليس من أمور الدين التي يعصم الأنبياء عن تصديق الكاذب فيها أشد منه منعًا، ولا أدري أنا ولا غيري كيف لا يُعتبر الإخبار بأشراط الساعة من أمور الدين؟ ولو كان ما حدث به تميم كذبًا لما سكت الوحي عن بيان الحق فيما أخبر به كما حدث في كثير من الأحيان حينما كان المنافقون وأضرابهم يقولون خلاف ما يبطنون فينزل الوحي فاضحًا لهم وَمُبَيِّنًا كذبهم.

[أحاديث الدجال ونزول المسيح في آخر الزمان صحيحة]

على أن النَّبِي - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - قد أخبر في غير ما حديث بالدجال ونزول المسيح عيسى ابن مريم - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - في آخر الزمان حُكْمًا


(١) في " القاموس ": «حاشَ الصَّيْدَ: جاءهُ من حَوالَيْهِ لِيَصْرِفَهُ إلى الحِبالَةِ، كأحاشَهُ وأحْوَشَهُ. و [حَاشَ] الإِبِلَ: جَمَعَها، وساقَهَا».
(٢) ١٣/ ٢٧٥.