زعم ليس له ما يؤيِّده ولا يخرج عن كونه إجحافاً صارخاً بحق أئمة الحديث فيما أفنوا أعمارهم فيه، فهذه المباحث التي عرض لها وغيرها قد أكثر العلماء فيها البحث والتمحيص، ووجدتُ في عشرات من كتب أصول الحديث، وبحسبك أنْ ترجع إلى " علوم الحديث " للحاكم أبي عبد الله والإمام ابن الصلاح، و" ألفية الحديث " للحافظ العراقي، و" التدريب " للإمام النووي، و " الباعث الحثيث " للحافظ ابن كثير، و" نخبة الفكر" وشرحها للحافظ ابن حجر، و" التدريب " للحافظ السيوطي، وعشرات الشروح التي وضعت لها، و" ظفر الأماني " للعلامة اللَّكَنَوِي و" توجيه النظر " للشيخ طاهر الجزائري، وغير هذه الكتب كثير مِمَّا أُلِّفَ في القديم والحديث، بحسبك - أيها الطالب للحقيقة - أنْ ترجع إلى أَيِّ كتاب منها، وستعلم علم اليقين أنَّ ما زعم صاحب " الأضواء " أنهم أهملوه، قد عقدوا له الأبواب والبحوث المستفيضة، وأنه تجنَّى على أئمة الحديث ما شاء له هواه أنْ يتجنَّى.
ذكر المؤلف [ص ٨] أنه بعد أنْ لبث زمناً طويلاً يبحث وينقِّب بعد أنْ أخذ نفسه بالصبر والأناة، انتهى إلى حقائق عجيبة ونتائج خطيرة «ذلك أني وجدت أنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث (كلها) - مِمَّا سَمَّوْهُ صحيحاً أو ما جعلوه حسناً - حديث قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه كما نطق به الرسول ... وقد يوجد بعض ألفاظ مفردة بقيت على حقيقتها في بعض الأحاديث القصيرة، وذلك في القلة والندرة، وتبيَّن لي أنَّ ما يسمُّونه في اصطلاحهم حديثاً صحيحاً إنما كانت صحَّته في نظر رُواته لا أنه صحيح في ذاته».
وقد بلغ المؤلف الغاية في المجازفة في الحُكْم، ونحن لا نقول: إِنَّ الأحاديث كلها رُوِيَتْ بألفاظها، وكيف وقد ثبت أنَّ القصة الواحدة