للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد من رواية مُجَاهِدٍ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «يَعْظُمُ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ، حَتَّى إِنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ» وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي " البَعْث " مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: عَن مُجَاهِدٍ عَن ابْن عَبَّاس: «مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا

» ولابن المبارك في " الزهد " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ، يُعَظَّمُونَ لِتَمْتَلِئَ مِنْهُمْ، وَلْيَذُوقُوا الْعَذَابَ» وسنده صحيح ولم يصرح برفعه لكن له حكم الرفع لأنه لا مجال للرأي فيه (١).

وأما الحكمة في تعظيم خلق الكافر فقد أشار إليها الحديث السابق وزاده القرطبي توضيحًا فقال في " المفهم ": «إِنَّمَا عَظُمَ خَلْقُ الْكَافِرِ فِي النَّارِ لِيَعْظُمَ عَذَابُهُ وَيُضَاعَفُ أَلَمُهُ ... وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ الكُفَّارَ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْعَذَابِ عُلِمَ مِنْ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلأَنَّا نَعْلَمُ عَلَى القَطْع أَنَّ عَذَابَ مَنْ قَتَلَ الأَنْبِيَاء وَفَتَكَ فِي المُسْلِمِينَ وَأَفْسَدَ فِي الأَرْض لَيْسَ مُسَاوِيًا لِعَذَابِ مَنْ كَفَرَ فَقَطْ وَأَحْسَنَ مُعَامَلَة الْمُسْلِمِينَ مَثَلاً».

وفي قوله - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ -: «وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ» سر عظيم قد كشف عنه الطب الحديث، ذلك أن أعصاب الإحساس إنما تكون في الجلد فكلما عظم الجلد واتسع زاد الإيلام، وفي هذا شاهد من شواهد النبوة {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (٢). وإلا فمن أعلم بأسرار هذا، وهو أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، ولم يكن مِمَّنْ يتعاطى صنعة الطب، ولا كان أحد من معاصريه الأطباء يدرك هذه الأسرار؟

حَدِيثُ الذُّبَابِ وَبَيَانُ أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ نَبَوِيَّةٌ:

قال: وروى " البخاري " و" ابن ماجه " عَنْ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وَفِي الآخَرِ دَاءً» وقد علق في الحاشية بما سَمَّاهُ «معركة الذباب» بين مجلة " لواء الإسلام " و" مجلة الدكتور " وانتصر فيها لـ " مجلة الدكتور " وأنحى باللائمة والتثريب على المُصَحِّحِينَ لهذا الحديث ونبزهم بالألقاب.

وإليك مفصل الحق في هذا الحديث الذي ثارت حوله العجاجة


(١) " فتح الباري ": ١١/ ٣٥٤.
(٢) [سورة النجم، الآيتان: ٣، ٤].