للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غير تمثيل ولا تكييف، وهو مذهب السلف، وإما التأويل، وهو مذهب الخلف، فقد قالوا: إن المراد بالقدم أو الرجل هنا الجماعة الذين قدمهم الله لها من أهل العذاب، أو المراد قدم أو رجل لبعض المخلوقين، أو أن المراد الكناية عن إذلال جهنم وإسكانها، فإنها إذا بالغت في الطغيان وطلب المزيد أذلها الله فوضعها تحت القدم وليس المراد حقيقة القدم، والعرب يستعملون ألفاظ الأعضاء في ضرب الأمثال ولا يريدون أعيانها، ولا يزال الناس يقولون: «وَضَعْتُهُ تَحْتَ رِجْلِي أَوْ قَدَمِي» ولا يريدون الحقيقة، وإنما يريدون الإهانة والإذلال.

حديث: «مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ الكَافِرِ»:


قال: وروى " البخاري " عنه: «مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِْ الكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ» وأخرج أوله " مسلم " عنه مرفوعًا وزاد: «وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ».

والجواب:
أن هذا الحديث رواه " البخاري " و" مسلم "، رواه " البخاري " عن أبي هريرة في باب «صفة الجنة والنار «من كتاب الرقاق (١) وهو مرفوع في رواية البخاري لا كما يوهم كلام المؤلف من أن رواية " البخاري " موقوفة عليه، ورواه مسلم في " صحيحه " (٢) عن أبي هريرة مرفوعًا بدون قوله: وغلظ جلده إلخ، وأما رواية " مسلم " التي فيها الزيادة فبلفظ: «ضِرْسُ الكَافِرِ، أَوْ نَابُ الْكَافِرِ، مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ» ومن ثم تبين لنا أن المؤلف غير متثبت فيما ينقل، وإنما يعتمد على الخطف السريع، فقد خطف هذه الكلمة من " الفتح " من غير أن يعرف مرجع الضمير في قوله: «أوله»
وقد وردت أحاديث أخرى تفيد عظم خلق الكافر يوم القيامة عن غير أبي هريرة، مِمَّا يدل على أنه لم ينفرد بهذا، ففي حديث ابن عمر عند