للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَدْوِينُ الأَحَادِيثِ تَدْوِينًا عَامًّا:

واستمر الأمر على ذلك، البعض يكتب والبعض لا يكتب إلى أنْ كان عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فرأى جَمْعَ السُنن وتدوينها خشية أنْ يضيع منها شيء أو يلتبس الحق بالباطل، وكان ذلك على رأس المائة الأولى فكتب إلى بعض المبرزين من العلماء في الأمصار الإسلامية وأمرهم بجمع الأحاديث، وكتب إلى عُمَّاله في الأمصار يأمرهم بذلك، روى مالك في " الموطأ " - رواية محمد بن الحسن - أنَّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: «أَنْ انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ سُنَنِهِ أَوْ حَدِيثِ عُمَرَ أَوْ نَحْوِ هَذَا فَاكْتُبْهُ فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ، وَذَهَابِ العُلَمَاءِ» وأوصاه أنْ يكتب ما عند عَمْرَةَ بنت عبد الرحمن الأنصارِيَّةَ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر.

وعَلَّقَهُ (١) البخاري في " صحيحه " فقال: «وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم (٢): أنْ انظر ما كان عندك أي في بلدك من حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاكتبه فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء».

وأخرج أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أهل الآفاق:

«انْظُرُوا إِلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاجْمَعُوهُ».

ومِمَّنْ كتب إليه الخليفة العادل الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزُّهْرِي المدني أحد الأئمة الأعلام، وعالم أهل الحجاز والشام المتوفى سنة ١٢٤ هـ.


(١) التعليق هو أن يُحذف من مبتدأ الإسناد راوٍ أو أكثر وقد أكثر من التعليقات البخاري في " صحيحه " وذلك في التراجم والشواهد لا في أصول الكتاب فإنا كلها متصلة مسندة.
(٢) نسب إلى جد أبيه ولجده عمرو صحبة ولأبيه محمد رؤية وهو فقيه تابعي استعمله عمر بن عبد العزيز على إمارة المدينة وولاَّهُ قضاءها ولا يعرف له اسم سوى أبي بكر، وقيل كُنيته أبو عبد الملك واسمه أبو بكر توفي سنة ١٢٠ هـ.