أنَّ مراجعة موسى لنبينا - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - دَسِيسَةٌ إسرائيلية، فهل خَفِيَ على علماء الأُمَّةِ جميعهم ما تَخَيَّلَهُ هذا المؤلف؟! وكان الأولى به أنْ يبحث عن السِرِّ في المراجعة وحكمتها بدل التشكيك فيها، ومحاولة بيان استلزامها لنفي علم الله - جَلَّ شَأْنُهُ -، وعلم رسوله مبلغ احتمال الأُمَّةِ وقدرتها على أدائها قبل التخفيف. وأي ضير في أنْ يعلم موسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بما سبق إليه من تجربة الناس، ومعالجة بني إسرائيل أشد المعالجة ما خفي على نبينا - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - حتى أشار عليه بالرجوع إلى ربه وطلب التخفيف، حتى يرتب عليه المؤلف ما زعم ثم من قال أنَّ فرض الصلوات خمسين وتخفيفها إلى خمس بسبب المراجعة تستلزم أنْ يكون الله سبحانه لا يعلم مبلغ قوة احتمال عباده على أدائها حتى رَتَّبَ عليه ما رَتَّبَ؟ إنَّ الله سبحانه يعلم كل ما كان وما يكون ويعلم أنَّ نَبِيَّهُ محمدا - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - سيسأله التخفيف على العباد وبسبب هذا السؤال سيخفف الصلوات من خمسين إلى خمس، ولذلك سِرٌّ وَحِكْمَةٌ، وهي إظهار رحمة الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بهذه الأُمَّة وَمِنَّتِهِ عليها بالتخفيف عليها، بدليل قول الرب تعالى:«أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي» كما أَنَّ فيها إظهار منزلة النَبِيِّ عند ربه بقبول شفاعته في التخفيف عن أُمَّتِهِ، وبيان رأفته ورحمته بأُمَّتِهِ باستماعه إلى مشورة أخيه موسى، ولا تسل عما في المراجعة من تكرار المناجاة بين العبد والمعبود والمُحِبِّ والمحبوب.
في [ص ١٢٨] قال: «الإسرائيليات في فضل بيت المقدس» وذكر بعضًا منها.
وفي [ص ١٢٩] ذكر أَنَّ الأحاديث الصحيحة كانت في أول الأمر في فضل المسجد الحرام ومسجد الرسول، ولكن بعد بناء قبة الصخرة ظهرت أحاديث في فضلها وفضل المسجد الأقصى، واعتبر ذكر المسجد الأقصى في