للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا أدري إذا كان المؤلف خطف ما ذكره خَطْفًا من " الفتح " من غير تحقيق وتثبت، أم أنه تعمد ذلك لحاجة في نفسه قد أصبحت معلومة لكل من اطلع على رَدِّنَا على صاحب هذا الكتاب الظالم، فإن كانت الأولى فهي جهالة، وإن كانت الثانية فهي خيانة وتغرير وتدليس.

أَحَادِيثُ الدَجَّالِ عِنْدَ أَبِي رَيَّةَ خُرَافَةٌ:

في [ص ٢١٣] عرض لأحاديث الدَجَّالِ، وطعن فيها، واعتبر ظهور الدجال في آخر الزمان خرافة. والعجب أنه ذكر في هذه الصحيفة بعض الأحاديث الغير ثابتة كحديث كعب الأحبار، بينما أعرض عن الأحاديث الصحيحة الثابتة المروية من طرق عدة عن كثير من الصحابة في " الصحيحين " وغيرهما.

ونحن لا ننكر أنه وضعت أحاديث في الدَجَّالِ، وَصِفَتِهِ، ومتى يخرج، ومن أي مكان يخرج، ولكنه مع هذا قد صحت فيه أحاديث كثيرة في " الصحيحين " وغيرهما.

وقد روى أحاديث الدَجَّالِ " البخاري " و" مسلم " (١) وأفاضا في ذلك، كما روى أحاديثه غيرهما من أصحاب الأحاديث المعتمدة الموثوق بها، حتى حَدَا هذا ببعض العلماء إلى القول بتواتر أحاديث الدجال، ونزول عيسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، فإن كانت أحاديث خروج الدجال متواترة فهي قطعية الثبوت، ولا مجال لإنكارها، وإن كانت صحيحة مشهورة ولم تصل إلى حد التواتر فالأحاديث الصحيحة التي تلقتها الأُمَّةُ بالقبول كأحاديث " الصحيحين " تفيد القطع في ثبوتها عند كثير من أئمة علم الحديث كابن الصلاح وابن حجر، وابن تيمية وغيرهم من جماهير العلماء سَلَفًا وَخَلَفًا (٢).

بل ذهب بعض أجلة العلماء إلى أن الحديث الصحيح يفيد العلم


(١) " صحيح البخاري " - كتاب الفتن - باب ذكر الدجال. " صحيح مسلم " - كتاب الفتن.
(٢) " الباعث الحثيث إلى علوم الحديث ": ص ٢٣.