للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شأنه ينقل من غير تحقيق وَتَرَوٍّ فقد نقل رواية كعب مع أن الحافظ قال فيها: إنها واهية، والواهي لا يحتج به قطعًا.

٢ - إن المؤلف لما نقل استشكال القاضي عياض للحديثين ذكر السؤال ولم يذكر الجواب، وهي خيانة علمية تقذف بصاحبها في عداد المدلسين، وإليك ما قاله القاضي بتمامه، قال الحافظ في " الفتح " (١): «وَقَدْ لَخَصَّ القَاضِي عِيَاضٌ ذَلِكَ فَقَالَ: تَوَجَّهَ عَلَى هَذَا العَدَد سُؤَالاَنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُعَارِض ظَاهِرِ قَوْله فِي حَدِيثِ سَفِينَةَ يَعْنِي الذِي أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ اِبْنِ حِبَّان وَغَيْره " الخِلاَفَة بَعْدِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا " لأَنَّ الثَّلاَثِينَ سَنَةً لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِلاَّ الخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةُ وَأَيَّامَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَالثَّانِي أَنَّهُ وَلِيَ الخِلاَفَة أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْعَدَد» وإلى هنا وقف المؤلف، وإليك التتمة «قَالَ: - أي القاضي عياض -: وَالجَوَابُ عَنْ الأَوَّلِ أَنَّهُ أَرَادَ فِي حَدِيث سَفِينَة " خِلاَفَة النُّبُوَّة " وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي حَدِيث جَابِرَ بْن سَمُرَةَ بِذَلِكَ - يعني الذي رُوِيَ في " الصحيحين " - بذلك، وَعَنْ الثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ " لاَ يَلِي إِلاَّ اِثْنَا عَشَرَ " وَإِنَّمَا قَالَ: [يَكُونُ] " اِثْنَا عَشَرَ " وَقَدْ وَلِيَ هَذَا العَدَد وَلاَ يَمْنَع ذَلِكَ الزِّيَادَة عَلَيْهِمْ ... وَقَدْ مَضَى مِنْهُمْ الخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةُ وَلاَ بُدَّ مِنْ تَمَامِ العِدَّةِ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ ... » إلى آخر ما نقل الحافظ عن القاضي عياض.

وكذلك صنع أَبُو رَيَّةَ مع ابن الجوزي فقد نقل بعضه، وترك جُلَّهُ، وقد استغرق نقل كلام الجوزي صحيفة بطولها من " فتح الباري " (٢)، وقد أطال الحافظ ابن حجر في تحقيق الروايات في هذا الموضوع واستغرق ذلك بضع صفحات من " الفتح " بحيث يخرج منه القارئ المُتَثَبِّتُ الطالب للحقيقة بزيادة اليقين بصحة ما روى في " الصحيحين " في هذا الباب والحافظ الكبير ابن حجر باتفاقنا جميعًا من أكابر أئمة هذا العلم، بل هو كما قال المؤلف: أمير المؤمنين في الحديث، فإذا كان كذلك فلم لم ينهج نهجه في فهم الأحاديث والتوفيق بينها؟!


(١) ١٣/ ١٨٠.
(٢) ١٣/ ١٨١.