للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما رواه عن أبي جعفر الإسكافي فلا يخرج عما نقله عن النَظَّامِ وشيعته وكذلك ما ذكره عن صاحب " المثل السائر "، وعن تنازعهم في مسألة المصراة في مجلس الرشيد وأنه وافق من قال: أبو هريرة متهم في روايته، فكلام لا سند له ولا عزو، ومثل هذا لاَ نُلْقِي بِهِ بَالاً ولعله من الافتراءات التي ألصقت بالرشيد - وما أكثرها -.

اعْتِمَادُ أَبِي رَيَّةَ فِي طُعُونِهِ عَلَى أَقْوَالِ المُسْتَشْرِقِينَ:

وبعد كل هذا لم يجد المؤلف بُدًّا من أن يستعلن بعد المداجاة والاستخفاء ويكشف لنا عن مصدره الذي أورده المهالك فينقل في ص ١٧١ ما قاله: جولدتسيهر المستشرق اليهودي في أبي هريرة، والوقوف من أحاديثه موقف الحذر، ورمى «شبرنجر» له بأنه «المُتَطَرِّفُ فِي الاخْتِلاَقِ وَرَعًا» .... إلى آخر ما قال.

وكلها فرى ظاهرة مكشوفة لم تقم عليها أثارة من علم وقد عرضت في رَدِّي لكل ما ذكره، فكن على ذكر منه، ولا تعجب من هذا فإن أبا رَيَّةَ قد أخذ كلام «جولدتسيهر» ونفخ فيه ما شاء له هواه وجهالته بالحديث أن ينفخ حتى جعل من الحبة قُبَّةً، ومن الكذب سرابًا يظنه الظمآن مَاءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، وقد ظهر لك أَبُو رَيَّةَ على حقيقته دَعِيٌّ متطاول سليط اللسان، وسارق بارع يسطو على أفكار الناس وآرائهم وَيَتَبَجَّحُ بها لنفسه.

زَعْمُهُ أَنَّ كَعْبَ الأَحْبَارِ لَقَّنَ أَبَا هُرَيْرَةَ الأَخْبَارَ المُلَفَّقَةَ المَكْذُوبَةَ:

ذكر في [ص ١٧٢] تحت عنوان «أخذه عن كعب الأحبار» أنَّ علماء الحديث ذكروا في باب رواية الصحابة عن التابعين، أو رواية الأكابر عن الأصاغر: أن أبا هريرة والعبادلة ومعاوية وأنس وغيرهم رَوَوْا عن كعب الأحبار الذي أظهر الإسلام خِدَاعًا، وطوى قلبه على يهوديته، وأن أبا هريرة أول من انخدع به، وقد استغل كعب سذاجته فاستحوذ عليه