للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليلقنه كل ما يريد أن يبثه في الدين الإسلامي ولكي يُدَلِّلَ على ما قاله ذكر جملة من الروايات عن أبي هريرة مُبَيِّنًا أنها من الإسرائيليات التي أخذها أبو هريرة عن كعب ومقارنًا بين ما يرويه أبو هريرة، وما يقول كعب في بضع صفحات من كتابه.

وإليك الجواب:

أما ما يتعلق بكعب وأنه كان منافقًا يظهر الإسلام ويبطن اليهودية، فقد قدمت - في فصل سبق - الكلام عن كعب، وإني لَمْ أَرَ أَحَدًا رماه بهذا إِلاَّ ما كان من النَظَّامِ وَالمُسْتَشْرِقِينَ وذيلهم أَبِي رَيَّةَ، وأن علماء الجرح والتعديل لَمْ يُجَرِّحُوهُ على قرب عصرهم من عصره، وعلى ما رزقوا من علم وشفوف نظر في نقد الرجال ومعرفة الخفي من أحوالهم، وليس من العدل تجريح الناس بغير شُهُودٍ وَبَيِّنَةٍ، وأما رواية أبي هريرة وغيره كالعبادلة فليس بأمر جديد، وقد استوفى الإمام العراقي في " شرحه على مقدمة ابن الصلاح " ذكر الذين عرفوا من الصحابة بالرواية عن التابعين، ولسنا ننكر أن فيما روي عن كعب وغيره من علماء أهل الكتاب ما هو كذب في نفسه، وقد حَقَّقْتُ ذلك فيما سبق، ولكن علماء الحديث وَنُقَّادُهُ نقدوا كل هذا وميزوا بين الصحيح والمعلول، والمقبول والمردود، وما هو موقوف على كعب من معارفه التي اكتسبها من كتب أهل الكتاب، وما وَهِمَ فيه بعض الرواة فرفعه إلى النَّبِيِّ - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - بحيث لم يدعوا زيادة لمستزيد ولا تَعْقِيبًا لِمُعَقِّبٍ، والذي ننكره على المؤلف أن يرمي أبا هريرة بأنه غر ساذج، وأن كعبًا استحوذ عليه حتى لقنه الكثير من الإسرائيليات واستبعاده أن يعرف أبو هريرة ما في التوراة وهو أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب ولا أدري كيف غاب عن المؤلف أن العلم لا يتوقف على معرفة القراءة والكتابة، مع أن الكلمة المسموعة لا تقل عن الكلمة المقروءة رُسُوخًا في النفس؟ وماذا يقول المؤلف في بعض الأكفاء في القديم والحديث الذين