للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يكتب له شيئًا سمعه من خطبته عام الفتح فقال: «اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ» (٣).

وروى أبو داود والحاكم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ الشَّيْءَ فَأَكْتُبُهُ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: فِي الغَضَبِ وَالرِّضَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، فَإِنِّي لاَ أَقُولُ فِيهِمَا إِلاَّ حَقًّا "».

وروى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَجْلِسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَسْمَعُ مِنْهُ الحَدِيثَ فَيُعْجِبُهُ وَلاَ يَحْفَظُهُ فَشَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ» وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ [لِلْخَطِّ].

وَفِي " صَحِيحِ البُخَارِيِّ " أَنَّ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - كَانَتْ عِنْدَهُ صَحِيفَةٌ فِيهَا بَعْضَ السُّنَنِ (العَقْلُ - أَيْ الدِّيَاتِ - وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) كَمَا صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَاتِ وَالدِّيَاتِ وَالفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ لِعَمْرُو بْنَ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجود التدوين للأحاديث في العهد النبوي.

وأما حديث النهي عن الكتابة فقد كان ذلك في مبدأ الأمر حين خيف اشتغالهم بغير القرآن، أو اختلاط القرآن بغيره، ثم لما أمن ذلك نسخ النهي بالإذن في الكتابة.

فلما جاور الرسول الرفيق الأعلى كثر من يكتب من الصحابة ومن التابعين، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيَسْمَعُ مِنْهُ الحَدِيثَ، فَيَكْتُبُهُ فِي وَاسِطَةِ الرَّحْلِ، فَإِذَا نَزَلَ نَسَخَهُ»، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنَّا نَكْتُبُ الحَلاَلَ وَالحَرَامَ، وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَكْتُبُ كُلَّ مَا سَمِعَ، فَلَمَّا احْتِيجَ إِلَيْهِ عَلِمْتُ أَنَّهُ أَعْلَمُ النَّاسِ»، وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، [عَنْ أَبِيهِ] أَنَّهُ أُحْرِقَتْ كُتُبُهُ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَكَانَ يَقُولُ: «وَدِدْتُ لَوْ أَنَّ عِنْدِي كُتُبِي بِأَهْلِي وَمَالِي».

ومِمَّا ينبغي أن يعلم أيضًا أن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز كتب إلى جميع أهل الآفاق بكتابة الأحاديث، فقد أخرج أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أهل الآفاق: «انْظُرُوا إِلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ فَاجْمَعُوهُ». ومِمَّنْ كَتَبَ إِلَيْهِ أَيْضًا الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ