للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيخ البخارى فقال: «وَمَا أَرَى إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ أَخَذَ هَذَا إِلاَّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى» وإبراهيم بن [أبي] يحيى هذا قال فيه الإمام أحمد «كَانَ قَدَرِيًّا مُعْتَزِلِيًّا جَهْمِيًّا، كُلُّ بَلاَءٍ فِيهِ تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ وَكَانَ يَضَعُ» وقال ابن معين: «كَذَّابٌ رَافِضِيٌّ» فبمثل هذا السند لا يثبت متن الحديث ولا المشابكة المسلسل بها بسبب وجود إبراهيم في السند صراحة أو تدليسًا (١) وإذا كان الحديث [مُخْتَلَقًا] مكذوبًا على النَّبِي وعلى أبي هريرة ومن جاء بعده من الثقات فلا يصح أن يرتب عليه باحث حُكْمًا هو فرع عن ثبوته.

ومنهم من أنكر رفع الحديث إلى النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأن أبا هريرة إنما أخذه من كعب الأحبار، وأن بعض الرواة وهم في رفعه والأصح وقفه على كعب، وإلى هذا ذهب إمام الأئمة البخاري في " تاريخه " فقال «رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن كَعْبِ الأَحْبَارِ وَهُوَ الأَصَحُّ» ووافقه على هذا العلاَّمة ابن كثير قال:

«فَكَأَنََّ هَذَا الحَدِيثَ مِمَّا تَلَقَّاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ كَعْبٍ عَنْ صُحُفِهِ فَوَهِمَ بَعْضُ الرُوَاةِ فَجَعَلَهُ مَرْفُوعًا إِلَىَ النَّبِيِِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: أَخَذَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي» (٢).

ومهما يكن من شيء فأبو هريرة بريء مِمَّا غمزه به أَبُو رَيَّةَ ولمزه واتهمه من رفع الحديث إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والكذب عليه حتى صار يتهكم بأبي هريرة ما شاء له هواه أن يتهكم ويزيد في ذلك ويعيد، لأنه إن كان الأمر كما قال [ابن المديني] ومن تابعه فيكون أبو هريرة بريء كل البراءة من تبعة هذا الحديث، ويكون كل ما نسب إلى أبي هريرة في الحديث من لفظه ومن سماعه، وقوله: «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِي» غير ثابت، ولا يعدو أن يكون مجرد افتراء قصد به الواضع التلبيس والتمويه وإظهار الباطل المُزَوَّرَ في صورة الحق الثابت المؤكد، وإن كان الأمر كما قال البخاري وابن كثير


(١) " الأسماء والصفات ": ص ٣٨٤.
(٢) " البداية والنهاية ":١/ ١٧، ١٨. " تفسير ابن كثير ": ٣/ ٤٨٨، ٧/ ٣٢٦.