للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإقراره لمعاذ حين بعثه إلى اليمن فقد قال له: «بِمَ تَقْضِي إِنْ عَرَضَ قَضَاءٌ؟ قَالَ: «بِكِتَابِ اللَّهِ». قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟» قَالَ: «بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟» قَالَ: «أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلاَ آلُو». فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدْرَهُ وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ..

وقد فهم الصحابة رجوع جميع ما جاءت به السُنَّة إلى القرآن من قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١).

روى البخاري في " صحيحه " عن عبد الله بن مسعود قال: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوسْتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ»، فقالت أم يعقوب: «ما هذا؟» فقال عبد الله: «وما مالي لا ألعن من لعن رسول الله، وفي كتاب الله» قالت: «والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته»، فقال: «والله لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢)».

وهذه الآية تعتبر أصلاً لكل ما جاءت به السُنَّة مِمَّا لم يرد له في القرآن ذكر وعلى هذا الدرب والطريق الواضح من جاء بعد الصحابة من أئمة العلم والدين، روي عن الإمام الشافعي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - أنه كان جالساً في المسجد الحرام يُحَدِّثُ الناس فقال: «لا تسألوني عن شيء إِلاَّ أجبتكم فيه من كتاب الله»، فقال الرجل: «ما تقول في المُحْرِمِ إذا قتل الزنبور؟» فقال: «لا شيء عليه»، فقال الرجل: «أين هذا من كتاب الله؟» فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٣).

ثم ذكر إسناداً إلى سيدنا عمر أنه قال: «للمحرم قتل الزنبور».


(١) و (٢) و (٣) [سورة الحشر، الآية: ٧].