للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحفظ ورجاحة العقل ومتانة الدين ينصرف عن حفظ أحاديث رسول الله وما حفظ منها لا يرويه، وما جمعه يعود فيحرقه ....

ونحن لا نقره على ما قال من انصراف الصِدِّيقِ عن حفظ أحاديث رسول الله وقد كان يحبه أكثر من حبه لنفسه، وكان أعز عليه من سمعه وبصره، فانظر يا أخي القارئ كيف يرمي الصِدِّيقَ بهذه الفِرْيَةِ، لأجل أن ينال من أبي هريرة؟!!

كما لا نقره على أنَّ ما حفظ منها لا يرويه، وكيف؟ وقد رويت عنه أحاديث - غير قليلة - في " الصحيحين " وغيرهما!! وأما ما نقله عن الحاكم من أن الصِدِّيقَ جمع خمسمائة حديث ثم عاد فحرقها (*) فروايات الحاكم ليست كلها صحيحة، وهو معروف بالتساهل في التصحيح، وعلى فرض صحتها فإحراقه لما جمع مبالغة في التحري والتثبت، وزيادة في الورع والتحوط لجواز الغلط والنسيان على الرواي العدل الثقة وليس ذلك للشك في الصحابة وتهمتهم كما يريد المؤلف أن يصل إليه.

مَا رَوَاهُ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:


وأما ما ذكره تحت عنوان ما رواه عَلِيٌّ من أنه ابن عم النَّبِيِّ، وتربى في حجره وهو صغير ... إلخ ما ذكره فنحن نقر به، ولكن الفضل شيء، والرواية شيء آخر، ولا ارتباط بينهما قط وقد يروي المفضول أكثر بكثير مِمَّنْ هو أفضل منه، ومرويات سيدنا عَلِيٍّ أكثر مِمَّا رُوِيَ عن الشيخين ولا ريب، إِلاَّ أنه لم يتفرغ للرواية كتفرغ أبي هريرة والعبادلة وغيرهم من المكثرين فمن ثم قَلَّتْ روايته عنهم، وغير خفي على من درس التاريخ ما اشتغل به أبو الحسن من مداومة الجهاد والغزو في حياة النَّبِيِّ وبعد وفاته، وما لاقاه من متاعب وحروب أثناء خلافته، وتقدم وفاته عن أبي هريرة وغيره من المكثرين، وكل هذه العوامل من أسباب قلة الرواية.

مِنْ أَمْثِلَةِ الفَهْمِ السَيِّءِ وَالتَّجَنِّي الآثِمِ: