للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - وأما أن بعض الأحاديث الموضوعة لم تعرف إِلاَّ باعتراف واضعها، فزعم غير صحيح من كل وجه فالاعتراف إنما هو أمارة وقرينه، وَالمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عند الأئمة فقد السند والمتن، ولو لم يعترف هؤلاء لوصل العلماء بملكاتهم التي اكتسبوها من مزاولة النقد وبقواعدهم الدقيقة التي وضعوها إلى تمييز الحق من الباطل والخطأ من الصواب، وليس أدل على ذلك من أنهم لم يعتبروا الإقرار قَطْعِيًّا في الدلالة على الوضع لجواز أن يكذب في هذا الإقرار نفسه كما قرروا ذلك في كتبهم.

٥ - وأما ما نقله عن الأستاذ الإمام محمد عبده من أن بعض الصحابة والتابعين كانوا يروون عن كل مسلم وما كل مسلم مؤمن صادق وما كانوا يفرقون في الأداء بين ما سمعوه عن النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو من غيره، فعلى تسليم ثبوته عنه فهو - على إطلاقه - غير صحيح، والمؤلف حريص على أَنْ يُحَمِّلَ الكلام ما لا يتحمل.

ومِمَّا نحب أن نسجله بهذه المناسبة أن الأستاذ الإمام لم يتضلع من السُنَّةِ وعلومها تضلعًا يجعله في عداد أئمتها فمن ثم وقع في بعض الأخطاء حينما يعرض لبعض الأحاديث، كما أحب أن أذكر المؤلف ومن على شاكلته بأن الحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق، وبكلمة إمام دار الهجرة مالك بن أنس: «كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ إِلاَّ صَاحِبُ هَذَا المَقَامِ»

. يريد النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وأنا مع إكباري للأستاذ الإمام وتلميذه السيد محمد رشيد رضا إِلاَّ أني أرى ويرى كل باحث منصف - أنه ليس كل ما يقولانه حق وَحُجَّةٌ فَهُمَا بَشَرٌ، وكل بشر عرضة للصواب والخطأ والسيد رشيد مع كونه عالمًا بِالسُنَّةِ وبالأحاديث إِلاَّ أن له مواضع زلت قدمه فيها والعصمة لله ولرسله.

٦ - وأما ما عرض له من أن الصحابة كلهم عدول قاعدة أغلبية فقد قدمت ما فيه الكفاية في هذا فيما سبق وأما أن بعض المنافقين كان يتظاهر بالإسلام وأحكموا النفاق ومرنوا عليه حتى خفي أمرهم على النَّبِيِّ وأصحابه