للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا مِنْ نَوَادِرِ مَا وَقَعَ فِي " البُخَارِيِّ " أَنْ يُخْرِجَ الحَدِيثَ تَامًّا بِإِسْنَادٍ وَاحِد بِلَفْظَيْنِ» (١).

وهكذا يَتَبَيَّن لنا أن المؤلف افترى على البخارى وعلى الحافظ وأنه يخطف الكلام خَطْفًا من غير تثبت وَتَحَرٍّ.

في [ص ٢٧٤] ذكر عنوان «موت البخاري قبل أن يبيض كتابه» ثم ذكر في ذلك كلامًا نقله الحافظ ابن حجر في مقدمة " الفتح " وليس في الكلام ما يشهد لِمَا عَنْوَنَ له وغرضه من هذا العنوان إيهام من لا يعرف أن الإمام البخاري ترك كتابه مسودة ومن شأن المسودات أنها لم تنقح، ومن شأن عدم التنقيح أن يأتي الكتاب على غير ما يرام وكل ذلك ليخلص إلى ما يريد من التشكيك في منزلة كتب الحديث المعتمدة.

والحق أن البخاري لم يمت إِلاَّ بعد أن نقح كتابه وهذبه غاية التهذيب والنقل الذي ذكره الحافظ إنما هو في شأن التراجم التي بيضها البخاري أي ذكرها ولم يذكر فيها حَدِيثًا أو الأحاديث التي ذكرها ولم يذكر لها بَابًا، والنقل الذي ذكره يدل على أن " صحيح البخاري " كان مُدَوَّنًا في أصل محرر قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ المُسْتَمْلِي: «انْتَسَخْتُ كِتَابَ البُخَارِيَّ مِنْ أَصْلِهِ الذِي كَانَ عِنْدَ صَاحِبِهِ مُحَمَّدُ بْنَ يُوسُفَ الفَرْبَرِيِّ فَرَأَيْتُ فِيهِ أَشْيَاءَ لَمْ تَتِمَّ وَأَشْيَاءَ مُبَيَّضَةً مِنْهَا تَرَاجِمُ لَمْ يُثْبِتْ بَعْدَهَا شَيْئًا وَمِنْهَا أَحَادِيثَ لَمْ يُتَرْجِمْ لَهَا فَأَضَفْنَا بَعْضَ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ».

وليس أدل على أن البخاري لم يمت إِلاَّ بعد أن حرر كتابه وعرضه على أئمة الحديث مِمَّا قاله أبو جعفر محمود بن عمر العقيلي قال: «لَمَّا أَلَّفَ البُخَارِيُّ كِتَابَ الصَّحِيحِ عَرَضَهُ عَلَى أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَعَلِيٍّ بْنَ المَدِينِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَاسْتَحْسَنُوهُ وَشَهِدُوا لَهُ بِالصِحَّةِ إِلاَّ فِي أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ». قال العقيلي: «وَالقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ البُخَارِيُّ وَهِيَ صَحِيحَةٌ». وروي عن الفَرْبَرِيِّ أنه قال: قال البخاري: «مَا كَتَبْتُ فِي كِتَابِ الصَّحِيحِ حَدِيثًا


(١) ١/ ١٨٦، طبعة عبد الرحمن محمد.