للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدرس، وبحسبك أنْ تستعرض الكتب التي أُلِّفَتْ في أحاديث الأحكام وشروحها لترى في ذلك عشرات المجلَّدات والموسوعات، وإنْ أراد علماء الدراية بالأحاديث فقد أوفوا في بحث متون الأحاديث وشرحها وتحليلها على الغاية، ولم يَدَعُوا ناحية من نواحيه الخصبة حتى قتلوها بحثاً، وما من كتاب من كتب الحديث المعتمدة إِلاَّ ووضعت له الشروح المتكاثرة، وبحسبك أنْ تتناول فهرساً من فهارس المكتبات العامة لترى إلى أَيِّ حَدٍّ عني العلماء المسلمون بالأحاديث النبوية عناية فائقة قد لا يربو عليها إِلاَّ عنايتهم بالقرآن الكريم، وخَلَّفُوا لنا في ذلك ثروة ضخمة، حتى أنها لقيمتها العلميَّة ونفاستها جذبت فئة من العلماء غير المسلمين إلى البحث فيها وقضاء الأعمار في العناية بها.

وإنْ أراد علماء الأخلاق والمواعظ، فقد جعلوا الأحاديث النبوية نَبْعاً فَيَّاضًا لما أَلَّفُوهُ من الكتب فيهما، وكذلك علماء البلاغة والأدب فقد أكثروا من الاستشهاد بالأحاديث في كتبهم، وعنوا بها من حيث اختصاصهم، وأَلَّفَ بعضهم في ذلك كُتُباً تكشف عَمَّا في الأحاديث من جمال فني وأدبي، كما فعل الإمام الشريف في كتابه " المجازات النبوية "، والمرحوم الأستاذ مصطفى صادق الرافعي في كتابه " البلاغة النبوية " الذي جعله مُتَمِمَّا لكتابه " إعجاز القرآن ".

ثم ماذا كان يريد المؤلف من العلماء غير المُحَدِّثِينَ والأدباء؟ أكان يريد منهم أنْ يُجَاوِزُوا طورهم - كما جاوز طوره - فَيَدُسُّوا أنوفهم فيما ليس من صناعتهم ويُمَيِّزُوا بين الصحيح والضعيف والمقبول والمردود والغث والسمين؟.

إنَّ علماء الأدب وأضرابهم مِمَّنْ ليسوا من رجال الحديث وصيارفته أكرم على أنفسهم مِنْ أَنْ يقفوا ما ليس لهم به علم، وأنْ يَزُجُّوا بأنفسهم في علوم ومعارف ليسوا أهلاً لها.

٢ - محاولة المؤلف هنا وفي غير موضع من كتابه الإزراء بالمُحَدِّثِينَ