للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحن لا ننكر في أن بلاد الشام وغيرها من بلاد الإسلام قد وضعت فيها أحاديث كثيرة بداعي العصبية الوطنية، وقد سبق أئمة الحديث وصيارفته إلى بيان ذلك منذ مئات السنين، ولكن الذي ننكره على المؤلف الطعن في الأحاديث الصحيحة بالظن من غير تثبت، أو اعتمادا على تأويل مؤول للحديث.

وليس أدل على هذا من ذكره هذا الحديث واعتباره من صنع اليد اليهودية وأي فائدة تعود على اليهود من هذا وبلاد الشام ليست بلادهم وإنما هي بلاد العرب قبل أن تكون بلادا لهم؟ وهل يعقل من اليهود في سبيل التزلف إلى بني أمية أن يضعوا هذا الحديث الذي يدل على بقاء الإسلام وبقاء سلطانه، وبقاء هذه الطائفة الثابتة على الحق من الأُمَّة المحمدية إلى يوم القيامة؟ وكيف وهم يدعون أنهم شعب الله المختار - كذبا وزورا - وأنهم أحق الشعوب بالبقاء، لقد وصفهم المؤلف بالدهاء والمكر، فكيف يضعون أحاديث تعلي بنيان أعدائهم وتقوض بيتهم من أساسه؟ الحق أن المؤلف يريد منا أن نلغي عقولنا.

وهذا الحديث رواه الشيخان في " صحيحيهما "، رواه البخاري في (كتاب الاعتصام) عن المغيرة بن شعبة عن النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلفظ: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». والرواية التي أشار إليها المؤلف رواها " البخاري " في باب بعد علامات النبوة ببابين، عن عمير بن هانئ أنه سمع معاوية يقول: سمعت النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»

(قَالَ عُمَيْرٌ: فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: قَالَ مُعَاذٌ: وَهُمْ بِالشَّامِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّامِ).

ورواه مسلم في " صحيحه " عن ثوبان وعن المغيرة بن شعبة وعن معاوية