للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاعتزال إلا القول بقدرة العبد وأنها هي التي توجد الفعل، أو بعبارة أخرى: ليس لهم إلا رفض مذهب الجبر والنقض على المجبرة- ولذلك وسم بعضهم بالقدري- وهو الاسم الذي أطلق على المعتزلة أولا- ولهذا تغاضينا عن عد تفاسيرهم مع تفاسير المعتزلة في الفصل السابق.

والذي يفسّر اعتماد الحاكم لآراء هؤلاء المفسرين الاربعة، فيما نرى، ولعه الشديد بالرد على المجبرة، ومحاولته الدائبة استنباط الأحكام الدالة على فساد مذهبهم من آيات جدّ كثيرة، كما سنرى عند الكلام على منهجه في التفسير.

[٢ - أمثلة وشواهد:]

ونورد فيما يلي فقرة واحدة من تفسيره توضح عنايته بآراء السلف، وتمهد للحديث عن مصادره الأخرى، وطريقته في الإفادة منها.

قال في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) «١»:

«المعنى: لما بين تعالى دين الحق «٢» حثّ على إظهاره ونهى عن كتمانه فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ): قيل أهل الكتاب من اليهود والنصارى عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والحسن والربيع والسدي والأصم وأبي علي، وقيل إنه كلام مستأنف في كل من كتم ما أنزل الله، عن أبي القاسم وأبي مسلم والقاضي، قال: ونزوله على سبب لا يوجب قصره عليه، ولا


(١) الآية ١٥٩ من سورة البقرة.
(٢) راجع الآيات السابقة.

<<  <   >  >>