القرآن، وأن العرب كانوا قادرين على أن يأتوا بمثل هذا هذا القرآن أو بعضه، لولا أن الله تعالى صرف دواعيهم في ذلك! فقد اشتد الحاكم في الرد على هذا القول، كما نقضه من قبل الجبائيان والقاضي عبد الجبار، وإن كان للصرفة عند القائلين بها، كالنظّام وابن حزم وابن سنان وغيرهم، أكثر من معنى، وأكثر من تفسير.
ونعرض في هذه الفقرة لرأي الحاكم في إعجاز القرآن بالقدر الذي تسمح به صفحات هذه الرسالة، آخذين من رأي القاضي عبد الجبار ما يوضح رأي الحاكم ويضعه في موضعه، ومكتفين من سائر الآراء بالإشارة إلى ما ناقشه الحاكم منها وسوف ندع القول في هذه الأقوال والآراء، وفي تطورها التاريخي، ومدى ما أسهم به المعتزلة من دراسات كلامية وبلاغية في هذا الموضوع إلى بحث مستقل نعده الآن عن «إعجاز القرآن عند المتكلمين»
[١ - مقدمات الاعجاز]
قال الحاكم إنه قد صح نبوة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم بمعجزات كثيرة «أظهرها» القرآن، ولا بد للكلام على إعجازه من مقدمات ضرورية لا بدّ منها:
أن يعلم نفس الرسول إما بمشاهدة أو خبر، وهذا مما يعلم ضرورة.
وأن يعلم أنه قد ادعى النبوة، وهذا أيضا مما يعلم ضرورة.
وأن يعلم القرآن بالنقل المتواتر، وأنه تحداهم به وجعله دلالة نبوته.
قال: «وذلك لأنه لا يجوز أن نعرفه نبيا ونحن لا نعرف عينه، ولا دعواه جملة وتفصيلا. وكذلك لا يجوز أن نعرف أن القرآن دلالة نبوة إلا ونعرف القرآن واختصاصه به. وكذلك نعلم أنه تحدى بالقرآن