وقوله:(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) وقوله: (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) ... الخ هذه الشواهد التي حفلت بها كتب الفرقتين الكبيرتين: المعتزلة والأشاعرة، وكتب سائر الفرق الاسلامية.
وربما كان إطلاق القول بأن نصوص القرآن الكريم ظنية الدلالة يعود في أحد أسبابه الرئيسية إلى هذا التجزي العجيب، والاعتساف في قطع النصوص لا عن سياقها وسباقها فحسب، بل عن «روحها» العامة، وأهدافها التربوية والأخلاقية، وبخاصة فيما عرف عند المفسرين والأصوليين بآيات الاحكام! وفي الوقت الذي ندعو فيه إلى إنكار «الدلالة الظنية» في آيات القرآن الكريم، واثبات أنها قطعية ... فليس من البعيد فيما يبدو أن تتكاتف الدراسات على تأكيد هذه الحقيقة في يوم من الأيام!
[- ٧ -]
وبعد، فإن من أهم ميزات تفسير الحاكم- كما أوضحت- هو رده الدائب على المجبرة أو الجبرية الذين زينوا للناس القعود والتواكل من خلال فهمهم السقيم لبعض الآيات القرآنية. والذي أضيفه هنا: هو أن هذا الكتاب لو كتب له التوسع وسعة الانتشار؛ لساهم في محاربة التواكل والتخلف، والتبرير الكاذب للقعود عن السعي في طلب التغيير الذي أخذ بأطراف العالم الإسلامي.
ولعل المشكلة هنا تعود إلى اندثار مدرسة الاعتزال بما قدمه رجالها الأوائل من دفاع مجيد عن الاسلام ... تجاه الثنوية والدهرية وأصناف الملاحدة ... وبما أثارته هذه المدرسة من مشكلات كان المسلمون في غنى