للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(أسباب النزول)]

الفرقان: نرجو توضيح هذه المسألة، حتى لا يشكل الأمر على القارئ والمهتم بعلوم التفسير؟

أ. د. زرزور: الآن -مع الآسف- يجري التركيز على أسباب النزول، فيراد إغراق القرآن في البيئة التي نزل فيها، وأنا الآن أبحث في هذا الموضوع، وقد رددت على بعض الآراء والنظريات في ذلك، لكن ليس معنى ذلك أن لا نقبل الآراء التي تقال، ولكن يجب مناقشتها والاتفاق على مجموعة من القواعد: لماذا نزل القرآن منجماً؟ هل نستطيع أن نستفيد من التنجيم الآن؟ هل في القرآن ناسخ ومنسوخ؟ هل أسباب النزول تُقبل هكذا، وهل كل آية في القرآن لها سبب نزول وهذا السبب مرتبط بها؟ يجري التركيز الآن على سبب النزول من قبل كثير من المعاصرين لإثبات أن القرآن كتاب تاريخي أو منتج بشري في تاريخ معين، وأن التاريخ عندما يتطوّر يمكن أن تعدّل بعض الأحكام. فهذا الربط بأسباب النزول أدى إلى مبالغات ومجازفات وكلام غير صحيح. أنا الآن عندما أقول: إن الآية لها سبب نزول، فإن معنى ذلك أنني مضطر أن أفسِّر الآية من خلال سبب النزول، صحيحٌ أن النص أعم من سبب النزول، ولكن سبب النزول أن يكون داخلاً فيه، فإذا كنت ولا بد مضطراً لأفسِّر الآية في ضوء سبب النزول، والنص القرآني متواتر، فأنا الآن لو اشترطت التواتر في أسباب النزول لما كان ذلك بعيداً أو خطأً. لكن أنا لا أقول بضرورة أن يكون سبب النزول متواتراً، لكن لا أقلَّ من أن يكون صحيحاً على مثل شروط البخاري أو شروط الشيخين مثلاً.

ولقد وجدت أن أسباب النزول الموجودة في البخاري لا تعدو أن تكون ثمانين أو واحداً وثمانين رواية فقط، علماً بأن البخاري من أكثر المفسرين عناية بأسباب النزول. لذلك يجب عزل هذا الركام من أسباب النزول أو إعادة النظر فيه، لأن هناك تفسيراً للآيات بأشياء غير صحيحة. وأعتقد أن كثيراً من الزيف دخل على الفكر الإسلامي -وخصوصاً من الفرق الأخرى - من خلال أسباب نزول واهية أو مكذوبة أو لا أصل لها. لذا إذا أردنا أن ننتج جيلاً قرآنيّاً يجب أن يكون منهجيّاً في التفسير ليس فيه أخطاء التاريخ ولا وزره، كما يجب أن يكون مصحوباً ببعض المقارنات ومنفتحاً من خلال دراسة ما عند الأمم الأخرى ودراسة حضاراتها. والزعم بأن القرآن كتاب تاريخي مرفوض من زاوية أن القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأؤكد على أن ما أنتجه التاريخ يمكن للتاريخ تجاوزه، ولكن ما كان تنزيلاً من حكيم حميد هو لكل العصور والأجيال.

<<  <   >  >>