«ومتى قيل: بأي أمارة ظن الذبح؟ قلنا بالعادة، فإن من أضجع شاة وأخذ الشفرة ووضعها على حلقها ... يعلم بالعادة أنه يريد ذبحها، فلما رأى ذلك ظن أنه سيؤمر بذبحه.
«ومتى قيل: ألا يجوز أن يكون مأمورا بالذبح؟ قلنا: لو كان كذلك لما نهى عنه لأنه يكون بداء، ولما قال (قد صدّقت الرؤيا)! ولأن الذبح لو كان مرادا لما كرهه من بعد!»
ثم قال الحاكم في الأحكام التي تدل عليها الآية:«ولا حجة فيها لمن جوز نسخ الفعل قبل وقت التمكين منه لأنا بينا أن الأمر لم ينسخ، ولأن ذلك يكون بداء، تعالى الله عن ذلك».
[خامسا: اعجاز القرآن]
أما إعجاز القرآن فقد أفاض الحاكم في الحديث عنه والدلالة عليه في تفسيره وفي بعض كتبه الأخرى، فأشار إليه- في قواعد وملاحظات- عند الكلام على كثير من الآيات والسور القصار، كما عقد له في كتابه «شرح عيون المسائل» فصولا فريدة يمكن اعتبارها «تلخيصا» وافيا لكتاب القاضي عبد الجبار- إعجاز القرآن- و «مدخلا» دقيقا ومهما لدراسة آراء المعتزلة في الإعجاز، أو «نظريتهم» الكلامية فيه.
ويبدو أن الذي حمل الحاكم على هذه العناية- فوق ما عرف من اهتمام جميع المتكلمين بهذا الموضوع، وبخاصة المعتزلة الذين يتصل تصديقهم بالمعجزة وبصحة دعوى النبوة بأهم قاعدة في منهجهم الفكري، وهي الإيمان بحكمة الحكيم وأنه لا يختار فعل القبيح- إنما هو رغبته في تصحيح أمر مرد الناس على إضافته إلى المعتزلة بعامة، وهو قولهم بالصرفة في إعجاز