قدمنا في الفصل السابق طريقة الحاكم في تفسيره، ووقفنا من خلال هذه الطريقة على آراء الحاكم في بعض مسائل علوم القرآن الهامة، وقد آثرنا بحث هذه المسائل هناك- كما قدمنا- لإعطاء صورة متكاملة لتفسير الحاكم وطريقته في تقسيم كتابه وترتيبه، وقد ذهب هو نفسه إلى اعتبار جميع فقرات كتابه السابقة من «علوم القرآن»، فقال:«وعلوم القرآن كثيرة، مدارها على ثمانية: أولها القراءة ووجوهها وعللها، وثانيها اللغة، وثالثها الإعراب، ورابعها النظم، وخامسها المعنى، وسادسها النزول، وسابعها الأدلة والأحكام، وثامنها الأخبار والقصص»«١».
والواقع أن علوم القرآن وإن كانت تعتبر في الأصل «مدخلا» إلى تفسير القرآن وطريقا إليه، إلا أن قسما كبيرا منها، حتى بعد أن اتخذ هذا المصطلح شكله النهائي فيما بعد، يدخل في نطاق التفسير، ويبدو أن الحاكم يعنى بعلوم القرآن، في المقام الأول، تلك الأمور والمعلومات