تتبين لنا منزلة الحاكم رحمه الله في الفكر الاسلامي بعامة من خلال آثاره ومصنفاته الكثيرة في التفسير والحديث والكلام والفقه والتاريخ، على قلة ما وصلنا منها، ولهذا فإننا لم نبعد حين عددناه أشهر رجالات المدرسة الجبائية بعد القاضي عبد الجبار، بل إننا نجد فيه الحلقة المفقودة من حلقات الاعتزال بين القاضي والزمخشري. وسوف نرى من خلال كتبه مدى الدور الهام الذي قام به في حفظ بقية صالحة من تراث المعتزلة، وبخاصة في تفسيره (التهذيب) الذي وضع بين أيدينا- للمرة الأولى- خلاصة تفاسير المعتزلة قبله، والتي نفقدها جميعا على وجه التقريب، هذا إلى جانب ما أضافه من آراء وأفكار في التفسير وعلم الكلام. وقد فطن مؤرخو الزيدية- المعتزلة- إلى هذه المكانة التي يحتلها الحاكم فوصفه يحيى بن حميد- كما رأينا- بأنه «رأس العدلية وناصر مذاهبهم بما هو القاطع القاصم» ووصفه أبو الرجال الصنعاني وإبراهيم بن القاسم بأنه كان «إماما عالما مصنفا صادعا بالحق»«١» وقال فيه يحيى بن الحسين إن