قلنا: المتقارب من الكلام كالمتماثل في أن العادة جارية بمثله، فلو أمكنهم ما يشتبه ويتقارب لأوردوه، ولقالوا إنه أفضل مما جئت به ...
فكيف تدعى النبوة. وبعد، فلو جعل دلالته حمل جسم ثقيل، وقدر الزيادة مما جرت العادة به، لم يخف عليهم أنه ليس بدليل النبوة. ولو كان كذلك كيف يجوز على الخلق العظيم مع وفور أحلامهم وتشددهم في باب الدين أن يتبعوه ويعترفوا بنبوته؟!»
٣) مزية القرآن على سائر المعجزات: وهذه المزية من وجوه: أحدها أنه لو كان إحياء الميت ونحوه، والقوم لم يعتادوا الطب، لجاز أن يظنوه من الطب والسحر، فهذا أبعد من ذلك الظن. ومنها: أنه من جنس ما يقدرون عليه فكان اليأس فيه أظهر، إلى جانب أن كونهم النهاية في الفصاحة وقفهم على مباينته لسائر الكلام. ومنها: أن شريعته صلّى الله عليه وسلم مؤبدة، فجعل دليلها مؤبدا، إلى جانب صحة التحدي به في كل زمان إلى آخر الدهر.
[٢ - وجه اعجاز القرآن]
الآراء حول «وجه» الإعجاز كثيرة، وربما ذهب بعضهم إلى أن للإعجاز وجها واحدا وأهمل النظر في سائر الوجوه، في حين يذهب آخرون إلى أن له أكثر من وجه، ثم يتفاوتون في عددها، وربما خلط بعض هؤلاء بين وجوه يصعب التوفيق بينها. وفيما كتبه الرماني والخطابي والقاضي عبد الجبار وعبد القاهر .. كثير من المذاهب والآراء:
أ) أما الحاكم فقد أبان عن رأيه في وجه الإعجاز باختصار وقصد،