للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: «وجه إعجاز القرآن أنه بلغ مبلغا من الفصاحة عجز الخلق عن إتيان مثله» «١». ثم قال: «وقد اختلف مشايخنا فمنهم من قال: لا رتبة أعلى في الفصاحة من رتبة القرآن، ومنهم من يقول بذلك في البعض دون البعض، ومنهم من يقول: في مقدوره تعالى ما هو أعلى منه. وكل ذلك لا يؤثر فيما بينا». ومن هنا جاء تعبيره السابق في وجه الإعجاز أن القرآن «بلغ مبلغا من الفصاحة» أعجز الخلق، سواء أكان أفصح الكلام، أم كان في مقدوره تعالى ما هو أفصح، لأن هذا لا يؤثر في شيء مما قدم، كما أنه قد يكون من فضول البحث لأنه مما لا يتعلق بالإعجاز أصلا.

قال أبو هاشم: والكلام إنما يكون فصيحا لجزالة اللفظ وحسن المعنى، ولا بد من اعتبار الأمرين، لأنه لو كان جزل اللفظ ركيك المعنى لم يعد فصيحا «٢». قال الحاكم: «والفصاحة لا تظهر في أفراد الكلمات، وإنما تظهر في الجمل» «٣»، قال القاضي: «والفصاحة لا تظهر في أفراد الكلام، وإنما تظهر في الكلام بالضم على طريقة مخصوصة، ولا بد مع الضم من أن يكون لكل كلمة صفة، وقد يجوز في هذه الصفة أن تكون بالمواضعة التي تتناول الضم، وقد تكون بالإعراب الذي له مدخل فيه. وقد تكون بالموقع». قال: «وليس لهذه الأقسام الثلاثة رابع، لأنه إما أن تعتبر فيه الكلمة، أو حركاتها، أو موقعها، ولا بد من هذا الاعتبار في كل كلمة، ثم لا بد من اعتبار مثله في الكلمات إذا انضم بعضها إلى بعض،


(١) شرح العيون، ورقة ٢٦٢.
(٢) راجع «إعجاز القرآن» للقاضي عبد الجبار ص ١٩٧.
(٣) التأثير والمؤثر للحاكم، ورقة ٧٩.

<<  <   >  >>